تعتبر الابتسامة أجمل لغة في الحياة, وهي الإضاءة الطبيعية لوجه الإنسان, والإشراقة المنيرة لطريق سعادته وصحته, وهي الشعور النفسي العميق والنابع من القلب بالطمأنينة والسرور والبهجة, والرضى وراحة الضمير, وهي ظاهرة حضارية وإصلاح لمزاج الإنسان والتوازن بين عناصر جسمه, بل هي خير علاج لعقل الإنسان الباطن ولقلبه الشادن بالمحبة والخير.
والابتسامة أفضل وأصعب من الضحك; لأن الابتسامة هي رد فعل للسرور, بينما الضحك هو رد فعل للألم أحياناً, ولأن الابتسامة هي فعل إرادة واقتناع وقناعة ورضى, أما الضحكة فهي تتفجر للحظة أو لحظات كما يتفجر البالون, وما تلبث أن تتلاشى, وأنا من أشد المؤيدين للابتسامة البريئة ومن أشد المحبين للضحكة غير المبتذلة.
يقول بعض خبراء علم النفس, إنك إذا لم تضحك لنكتة أو تهتز لها بعد أن ضحك عليها الآخرون, فلا بد أن تراجع الطبيب الاختصاصي بالطب النفسي, لأن خلايا الضحك والسرور والتي تستقر في النصف الأيمن من الدماغ يكون قد أصابها التلف أو على أقل تقدير قد شاخت أو تبلدت عن الاستجابة, وهذا مايفقدك القدرة على تذوق النكتة والإحساس بها والتمتع بمعناها والضحك عليها.
وقد أجريت أبحاث كثيرة عن تأثير الضحك, وتأثيراته المفيدة على القلب, فالضحك يحرِّك عضلات البطن والصدر والكتفين, وكذلك ينشط الدورة الدموية بصورة عامة, والضحكة الواحدة تعادل ممارسة الرياضة لمدة عشرة دقائق, ولقد شبَّه أحد العلماء الضحك بالهرولة وأنت جالس.
فالضحك هو ضرب من ضروب المناعة النفسية التي تحول بيننا وبين التأثر بما نتعرض إليه من ضغوط في هذه الحياة وما أكثرها.
وعلى هذا, فقد يكون الضحك استجابة للألم لا للسرور نظراً لأن مفتاحه هو المواقف التي تسبب لنا الضيق أو الألم ولقد صدق من قال "شر البلية ما يضحك".
يقول الممثل الكوميدي "شارلي شابلن": "إن الناس يتعاطفون معي بحق حينما يضحكون لأنه بمجرد ما يزيد الطابع التراجيدي عن الحد, فإنه سرعان ما يصبح موقفاً باعثاً على الضحك".
وكثيراً ما يواجه الإنسان مواقف من الهلع والقلق, فينفجر ضاحكاً, مما يكشف عن أهمية كل هذه العوامل الداخلية والخارجية, وفي مثل هذه المواقف الخطرة أو حينما يضحك الإنسان لمواجهتها, فإنه بلا شك إنما يحاول عن طريق الضحك أن يرفع من روحه المعنوية أو أن يعمل على استجماع شجاعته.
وتعتبر الابتسامة شعاعاً من أشعة الشمس, وبلسماً حقيقياً لشفاء الأمراض, ومتنفساً هادئـاً لأصحاب التوترات العصبية والاضطرابات النفسية, وكم يود المريض أن يرى وهو جالس على سرير المرض, ابتسامة الطبيب المعالج له أو الممرضة المشرفة على علاجه, أو حتى على شفاه أحد أصدقائه وأهله ومحبيه, لأن الابتسامة في وجه المريض لها أهمية كبرى في الشفاء, وخاصة لمرضى القلب والسرطان. ويجب أن تكون ابتسامة صافية, بريئة وعريضة, مفعمة بالحب والعطف والحنان, لأنها تعتبر في تلك اللحظة المفتاح الأول وضوء الأمل بزوال المرض, والتمسك بالحياة, رغم صعوبة تلك الأمراض, وهكذا ُسمي الطبيب طبيباً لترفقه ومداراته, والحكيم حكيماً لأنه يعرف المريض والمرض.
في عام 1950 قال الدكتور مايو (صاحب مستشفى مايو كلينك الشهيرة في أمريكا) رداً على سؤال عن كيفية قبوله للممرضة بيلي بيرك والتي لم تتعلم مطلقاً فن التمريض, فقال يومها: "كانت تجيد فناً آخر.. كانت تعرف كيف تنتزع الضحكات من قلوب المرضى...".
وقد سُئل أحد البخلاء, لماذا تتعمد قلة الضحك وشدة القطوب? فقال:"الذي يخيفني من الضحك هو أن الإنسان أقرب ما يكون من البذل والعطاء إذا ضحك وطابت نفسه!".