تعد آلة العود من الآلات العربية القديمة المحببة إلى مستمعي الطرب العربي, ويمكن القول بأنه من اقدم الالات الموسيقية في العالم, والعود لفظ عربي معناه الخشب, ويعد من أهم الآلات الموسيقية في التخت الشرقي,
كما يستخدم في العزف الانفرادي أو الجماعي المصاحب للغناء, ويعتمد عليه معظم الملحنين العرب عند تحفيظ أغانيهم, وكان له مكانة عند العرب, فقيل في سماعه نفع للجسد وتعديل للمزاج .
وقد اشتهر عدد من الموسيقيين بالعزف المنفرد على العود وفي مقدمتهم فريد الأطرش, وصبحي سعيد وعمر نقشبندي وهؤلاء لهم تسجيلات خاصة في إذاعة دمشق, ولا تزال تبثها أحيانا, ومن الفنانين المعاصرين محمد قدري دلال, وبرعت بعض المطربات في العزف على العود دون ان تشتهر كثيرا ومنهن مها الجابري والمطربة القديمة نادرة الشامية, ومن العازفين العرب نذكر محمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد الموجي .
وقيل في اختراع العود أقوال كثيرة اختلف فيها المؤرخون وتباعدت مذاهبهم وتباينت استدلالاتهم, فمنهم من قال إن أول من اخترعه لامك بن متوشاح جده السادس آدم وقيل أول من صنعه (جمشيد ) وهو ملك من ملوك الفرس وأسماه (البربط).
واتفق بعض الكتاب من العرب والفرس ممن كتبوا وتحدثوا عن العود أن العود جاءهم من اليونان, وأن فيثاغورث اخترعه بعد أن اكتشف توافق الأصوات الموسيقية, والبعض الآخر يعزو هذا الاختراع إلى أفلاطون , وكان يسمى العود في اليونان باربتوس, ويبدو أن اسم البربط الوارد في كثير من كتب التراث نحل من هذا الاسم.
ويزعمون أن أفلاطون كان ينوم سامعيه إذا عزف من مقام معين ثم يغير المقام فيوقظهم, ونسبت هذه القدرة إلى الفارابي أيضا, فزعم بعضهم حين سئل عن تاريخ آلة العود أن أبا نصر الفارابي الفيلسوف صنع عودا فكان مخترعه الأول ولم يثقب له وجه فإذا به عند العزف أخرس خال من كل رنين ثم حدث أن قرض الفأر وجه العود فأحدثت به فتحة أكسبت صوته فخامة ورنيناً فسر أبو نصر بهذا الاكتشاف.
وكانت آلة العود الآلة الموسيقية الرئيسية في القصور العربية واحتل عازفوها مكانة مرموقة ومنزلة لدى حكامها, ثم انتقلت آلة العود إلى أوروبا بعد فتح العرب لبلاد الأندلس وجزيرة صقلية, و حروب الفرنجة بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر.
وظلت آلة العود بصورتها العريقة فترة من الزمن ثم ادخل عليها الكثير من التعديلات لتتناسب مع الموسيقا الاوروبية المتعددة التصويت, وقامت على هذه الآلة نهضة موسيقية غنائية, وكان لها دور أساسي في التدوين الموسيقي, وبنى الكندي, والفارابي وابن سينا نظرياتهم الموسيقية مستعينين بآلة العود كأساس لها, كما استعان صفي الدين بالعود في طريقة التدوين الجدولي.
والثابت تاريخياً أن آلة العود من الآلات الوترية التي عرفتها الممالك القديمة, وقد استعملها قدماء المصريين منذ أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة, وبالرغم من تضارب الآراء حول أصل آلة العود فإننا نجد أن كثيراً من الكتاب يرون أن آلة العود قد انتقلت إلى أوروبا من بلاد الشرق.
وظهرت آلات موسيقية متعددة شبيهة بالعود في الحضارات القديمة, وتناقلتها الأجيال عند بعض الشعوب حتى العصر الحاضر, فعرف قدماء المصريين العود بفصيلتيه العود ذي الرقبة القصيرة وهو يشبه العود المستعمل الآن, والعود ذي الرقبة الطويلة وهو يشبه الطنبور.
وامتاز العود في آشور بكثرة دساتينه, وكان كبير الشبه بالنقوش التي ظهرت لآلة العود عند قدماء المصريين, وكان العود ذو الرقبة الطويلة يسمى بالطنبور الآشوري, ولا تزال تلك الآلة موجودة في نفس المنطقة, وبنفس الشكل والاسم وتنتشر في سورية ولبنان والأردن وتركيا.
ويشبه العود الصيني في شكله العام ومظهره وأسلوب صناعته ونوعية الأوتار المستعملة العود العربي, ولا يخرج العود الياباني عن الأعواد المعتادة, وبنفس الشكل والتصميم, وله رقبة عليها الأوتار المربوطة على وجه الصندوق حتى المفاتيح التي تقع على طرق الرقبة لكي تسوى بها الأوتار, وظهرت في الهند أشكال من العود ذي الرقبة العريضة, والذي كان ينتمي إلى عائلة (الطنبور السيتار ) و كانت معروفة في جنوب غرب آسيا .