المرأة عبر الحضارات

الزوجة قديماً ملك لزوجها أو أمته , و في بعض الحضارات كجزر فيجي ترغم النساء على الخضوع للرجال خضوعاً مطلقاً , أما في بعض الحضارات الأخرى " الهوتنتون " فالمرأة هي الرئيسة الأعلى في المنزل و زوجها يخضع لها خضوعاً تاماً و هو يشغل أمام الناس المنزلة الأولى في تقدمه على المرأة لكنه يعجز في البيت حتى أن يجرع جرعة لبن من الآنية بدون إذن زوجته , و إذا حاول ذلك فرض عليه أقاربه غرامة بقرة و خروف تضافان إلى حصة المرأة.
لقد حث (بلوتارك) على تحسين وضع المرأة قائلاً : " إن على الزوج أن يحكم زوجه, ولكن بطيبة و عطف كما تحكم الروح الجسد لا كما يحكم السيد العبد ".
بيد أن رغبة الرجال الغريزية في ممارسة نفوذهم و ضئالة القوة الجسدية لدى المرأة ثم الدافع الجنسي الذي يسوق المرأة إلى طلب حماية الرجل , كل ذلك قد يقود الجنس اللطيف إلى طلب الرجولة عند الرجل .
ترى بعض الإيطاليات أن الزوج البليد هو من لا يضرب زوجه , وعلقت امرأة مثقفة و هي تنظر إلى لوحة ( روبنز Rubens ) المسماة ( اختطاف السابينيات ) فقالت أعتقد أنهن سعيدات لأنهن يختطفن على هذه الصورة .
وقد حكى ( أوريبيد ) على لسان ( ميديه ) قوله : " النساء قاصرات عن الخير بارعات في الشر".
يقول الشاعر ( الفيدي ) : " إن من العسير توجيه روح المرأة في السراط المستقيم لأن عقلها صغير".
وعلى مر التاريخ اتسعت الهوة التي تفصل المرأة عن الرجل ولاسيما منذ الانطلاق بأن المرأة دنس أو رجس من عمل الشيطان , إنها دنس أثناء الحمل و الولادة و الحيض , و كأنها تحمل طاقة سحرية مشؤومة تهدد كل من يكتنفها أو يلقاها .
و قد أرغمت الكنسية النساء على الوقوف أو الجلوس بمعزل عن الرجال و جعلت لهن باب خاص يلجن الكنسية منه و هن يبعدن عن الوظائف الدينية .
ولكن وضع المرأة تطور على مدى الأيام و قد نضجت في القرن الثامن عشر بذور الحركة النسوية , وهي حركة تدعو إلى مساواة الرجل بالمرأة وظهر بعد إذن عام 1917 إعلان حقوق المرأة و المواطنة بقلم ( آلمب دي كوج ) , و التحقت بصفوف الثوار 1848 بعض النسوة وفي طليعتهم بولين رولاند , لتجسيد هذا التحرر النسوي و دعم ( ستيورات مل ) هذه الحركة في إنكلترا و مضى الكفاح موصولاً ضد (ثالوث كافات) صاغها المفكر الألماني في قول قديم مأثور يحدد مثلاً أعلى للمرأة بحسب الكلمات التالية " الطهي , الطفل , الكنيسة ) .
وكلما تحررت المرأة تحرر الزوجة في المنزل , بل و تحرر الأطفال في الأسرة و تضاءل مفهوم السلطة داخلها . يقول ( جان سوتزل) : " ينجم عن أن وظيفة الاستجمام تبذ الآن سائر وظائف الأسرة ولاسيما وظيفة الإنجاب , ينجم عن ذلك تبدل السلطة العائلية ".
لذلك إن من يود التمسك بمظاهر القسوة و الصرامة داخل الأسرة يستثير الهزء و السخرية أكثر من التقدير و الإعجاب .