هل يعود أبو عصام ليظهر في الجزء الخامس من المسلسل الشامي الشهير؟ سؤال يطرحه المشاهدون بعدما تبيّن أن الرجل لم يمت وعودته قد تمثّل مفاجأة الجزء الأخير. ليس هناك شيء مستحيل في حارة «الضبع»! يستعير مسلسل «باب الحارة» (يومياً على mbc 22:00 وmtv 23:00) في جزئه الخامس والأخير، عناصر أفلام الرسوم المتحركة لجهة الحبكة الخيالية المفتوحة على كل الاحتمالات، كأن تطير الضفدعة، أو أن يعزف القط على الكمان معزوفة شهيرة لباخ. في هذه الحارة التي تحمل اسم «الضبع»، لا مكان للمستحيل، إذ ينتفي شرط الواقع لمصلحة أحداث خرقاء، لا تكتفي بإعادة إنتاج التخلف في مجمل أطروحات هذا المسلسل الذي يبيض ذهباً لصنّاعه، بل الضحك على الذقون أيضاً. في حلقة العاشر من رمضان التي عرضت الأسبوع الماضي، وكنوع من الأقدار الإلهية، تصل رسالة من أبو عصام (عباس النوري) إلى ابنه، عبر سجين فار أكد بحزم أنّ من شاهدنا جنازته المهيبة في الجزء الثالث، لا يزال حيّاً يرزق، وهو موجود في أحد السجون السريّة! كان للخبر وقع الصدمة (كنا للتو قد غادرنا جنازة أحد أزواج زهرة في مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة»). حلّاق «باب الحارة» لم يمت إذاً، وهذه إحدى معجزات «الآغا» بسام الملّا ـــ الذي يشرف على العمل إلى جانب شقيقه مؤمن الذي يتولى عملية إخراج هذا الجزء ــــ إثر صلحه التاريخي مع عباس النوري بمبادرة من «النمس» (مصطفى الخاني)! نص مشتت بفعل سطوة المعلن وغياب الرؤية الإخراجية ورغم أننا شاهدنا أبو عصام قبل قليل يرتدي عمامة في أحد المسلسلات التاريخية، ويشرب المتة، أمام عتبة بيته في مسلسل آخر، إلا أن الحادثة أصابتنا في مقتل، أكثر مما أصابت عائلته التي تلقت الخبر ببرود. إذ إن أم عصام أدت المشهد كنوع من الواجب الثقيل، ريثما تمرّ العاصفة، وتعود إلى يومياتها الاعتيادية، وخصوصاً أنها قد صبغت شعرها بلون أحمر، وتجاوزت المحنة منذ أمد طويل. عودة أبو عصام إلى الجزء الخامس، قد تحدث فعلاً، وهذا ليس أمراً مستحيلاً، فالحارة التي تمكّنت من استعادة أم جوزيف (جان دارك الحارة) من حكم الإعدام، بعملية سريّة أشرف عليها وخطط لها بحكمة، قهوجي الحارة أبو حاتم، لن يستعصي عليها استعادة بطل يقبع في سجون الأعداء. صحيح أن هذه العملية ستؤجل خطط أبو حاتم في كشف مؤامرات مأمون بك، ولكن التضحية من أجل بطل من هذا النوع، تتجاوز ما عداها من تضحيات. ربما ستكون المفاجأة التي وعدنا بها فريق العمل خلال فترة التصوير، هي عودة عباس النوري إلى الحارة، وهو ما سبق أن توقّعه كثيرون. وإذا حصلت المفاجأة فعلاً، فإن ذلك سيكون تعبيراً صريحاً عن أعلى درجات الاستهزاء بالمشاهد، والاستخفاف بعقله في فبركة درامية إضافية، عمّا جرى في الأجزاء السابقة. وهي الأجزاء التي قدمت شهادة مزوّرة عن البيئة الدمشقية، وجرى تعميمها عربياً، بوصفها صورة عن التفكير السوري. بالطبع، لن نلتفت إلى ثبات الزمن في هذا العمل، فالشخصيات لم يطرأ عليها أي تغيّر فيزيولوجي، بفضل الـ«بوتوكس» والماكياج والأزياء، وغياب الرؤية الإخراجية عن نص مشتت، يجتر أوهاماً درامية، تستدعيها ساعات البث الضرورية والطويلة في رمضان، وسطوة المعلن، وقبل ذلك شهوات «الضباع».