لم يكشف رئيس الوزراء البريطاني الاسبق طوني بلير، الذي اسس حزب العمال «الجديد» قبيل تسلمه السلطة بين 1997 و2007، اسراراً كثيرة رافقت الحرب على العراق في عام 2003 رغم انه خصص ما يصل الى مائة صفحة من مذكراته التي صدرت امس بعنوان «الرحلة» في 736 صفحة نشرت في 22 فصلاً، لكنه تحدث عن تأثره الشديد الذي اوصله الى «البكاء بمرارة عندما استقبل ارملة شابة كان زوجها الجندي قُتل في العراق اثناء الغزو». واشار الى ان ديك تشيني نائب الرئيس جورج بوش كان يريد غزو دول اخرى في الشرق الاوسط بينها سورية بعد استكمال غزو العراق.
ومع ان الكتاب، الذي لم يوزع في الاسواق البريطانية حتى ساعة متاخرة من صباح امس بعدما حُفظ بسرية تامة ولم تُسرب منه اي نسخة الى الصحافة او اجهزة الاعلام حتى الساعات الاخيرة التي سبقت نشره رسمياً، ركز في غالبيته على التوازن الداخلي في السياسة البريطانية والعلاقات مع الولايات المتحدة والرئيس بوش، الا انه تضمن هجوماً كبيراً على سلفه غوردون براون الذي خسر الانتخابات العامة الاخيرة بسبب تخليه عن «مبادىء حزب العمال الجديد».
وقال ان علاقته مع براون، التي استمرت 27 عاماً، بدأت كعشاق ثم تحولت الى زواج ثم الى خصومة، لكنه لم ينس الاشادة بجهود براون وما فعله اثناء الازمة المالية التي ضربت بريطانيا والعالم.
وما لفت النظر تأييد بلير لحكومة التحالف بين المحافظين والليبراليين قائلاً «ان بريطانيا اختارت للحكم نسخة جديدة من العمال الجدد». مضيفاً ان رؤية رئيس الحكومة الحالي ديفيد كاميرون لاقتصاد السوق قريبة جداً من رؤياه خصوصاً باستعانته بقوى السوق لاصلاح الخدمات الحكومية وتقديمها بشكل افضل. وايد خفض العجز العام كما ينادي حزب المحافظين منعاً لتحميل المواطنين اعباء اضافية.
وادعى بلير انه كان المسؤول الاول عن نجاح الاقتصاد خلال فترة حكمه وانه كان يعرف ان «براون غير كفؤ للحكم وانه قد يقود الحزب الى خسارة الانتخابات العامة خصوصاً اذا نفذ ما كان يريد على مدى سنوات بفرض ضرائب عالية على الاغنياء».
وظهر ان المذكرات جاءت في غالبيتها هجوماً على فترة حكم براون والخلافات بينهما وكيف اضطر في عام 2003 بعد غزو العراق الى انه سيتخلى عن السلطة مع وعد بدعم براون لتسلم السلطة اذا ساهم في اخماد تمرد في الحزب بسبب ما آلت اليه الحال بعد الغزو.
وقال «لم اتصور ان نتيجة الحرب على العراق ستكون كذلك وقد تتحول «كابوسا علي»، مؤكدا انه سيُخصص ما بقي من حياته العملية «لخدمة السلام في الشرق الاوسط».
ولم ينج من سهام بلير اي من المتشددين حتى في الولايات المتحدة وقال «ان نائب الرئيس بوش ديك تشيني كان يُخطط لاكمال غزو بعض دول الشرق الاوسط بعد العراق ومن بينها سوريا».
ويبدو ان «الرحلة» لن تساعد بلير في استعادة بعض ما فقده من هيبة واعجاب بسبب الحرب على العراق، كما ان دفاعه عن سياسته وتجربته وهجومه على سلفه براون وتحذيره من تحول في حزب العمال، خصوصاً ان مقابلته التلفزيونية الاولى التي سجلها لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية زادت نقمة اعضاء الحزب عليه، في وقت شنت عليه الصحافة البريطانية، وفي افتتاحياتها، حملات بسبب قبوله خلافة براون او بسبب عدم صدقيته في كشف حقائق ما جرى بينه وبين الرئيس جورج بوش قبل الحرب.
وتحدث بلير عن ادمانه على المشروب بشكل يومي على الرغم من ان زوجته كانت تُعارض ذلك.
واعترف بذكاء الرئيس بوش كما افرد فصلاً في المذكرات عن موت ديانا بعد تسلمه الحكم مباشرة وكيف ان علاقته مع الملكة في الايام الاولى لم تكن جيدة، خصوصاً ان الملكة بعد مصرع ديانا كانت متوترة.
واعترف بانه وديانا كانا «يستغلان من حولهما» كما افرد بعض الصفحات للحديث عن العلاقة المحرمة بين الرئيس الاميركي بيل كلينتون ومساعدته مونيكا لوينسكي، وعن الفضيحة التي ضربت حكومته من جراء علاقة بين نائبه جون بريسكوت وسكرتيرته وقال ان «من الخطأ اقامة علاقة مع من يعملون معك على الاطلاق»