مقتطفات اخترتها لكم منكتاب الأذكياء لابن الجوزي
قال ابن عباس: لمّا شبّ إسماعيلتزوّج امرأة من جرهم, فجاء إبراهيم فلم يجد إسماعيل, فسأل عنه امرأته فقالت:
خرج يبتغي لنا.
ثم سألها عن عيشهم فقالت:
نحن بشر في ضيق وشدّة, وشكت إليه,فقال:
فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلاموقولي له:
يغيّر عتبة بابه.
فلما جاء أخبرته فقال: ذاك أبي وقدأمرني أن أفارقك, الحقي بأهلك.
ومن المنقول عن سليمان عليه السلام:
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى اللهعليه وسلم أنه قال:
خرجت امرأتان ومعهما صبيّان, فعدا الذئبعلى أحدهما, فأخذتا تختصمان في الصبي الباقي, فاختصمتا إلى داود عليه السلام, فقضىبه للكبرى منهما, فمرّتا على سليمان عليه السلام, فقال ما أمركما؟
فقصّتا القصّة.
فقال: ائتوني بالسكين أشق الغلامبينكما.
فقالت الصغرى: أتشقه؟
قال: نعم.
قالت: لا تفعل, حظي منه لها.
فقال: هو ابنك. فقضى به لها.
وعن محمد بن كعب القرظي قال:
جاء رجل إلى سليمان النبي عليهالسلام فقال: يا نبيّ الله! ان لي جيرانا يسرقون أوزي.
فنادى الصلاة جامعة.
ثم خطبهم, فقال في خطبته: أو أحدكميسرق إوز جاره, ثم يدخل المسجد والريش على رأسه!
فمسح رجل برأسه, فقال سليمان: خذوهفانه صاحبكم.
ومن المنقول عن عيسى عليه السلام:أن إبليس جاء إليه, فقال له: ألست تزعم أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك؟
قال: بلى.
قال: فارم بنفسك من هذه الجبل, فإنهإن قدر لك السلامة تسلم.
فقال له: يا ملعون, إن لله عز وجلّأن يختبر عباده, وليس للعبد أن يختبر ربّه عز وجلّ.
وعن علي رضي الله عنه قال:
لما سار رسول الله صلى الله عليهوسلم إلى بدر وجدنا عندها رجلين: رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط. فأماالقرشي فأفلت, وأما مولى عقبة فأخذناه, فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول:هو والله كثير عددهم, شديد بأسهم.
فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه,حتى انتهوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلّم, ثم ان النبي صلى الله عليه وسلّمسأله: كم ينحرون من الجزر؟
فقال: عشرا لكل يوم.
فقال رسول الله صلى الله عليهوسلّم: القوم ألف, كل جزور لمئة وتبعها.
وعن أبي هريرة قال:
قال رجل: يا رسول الله, إن لي جارايؤذيني.
فقال: انطلق وأخرج متاعك إلى الطريق.
فانطلق وأخرج متاعه فاجتمع الناسعليه, فقالوا ما شأنك؟
قال: لي جار يؤذيني, فذكرت ذلكللنبي صلى الله عليه وسلّم فقال:" انطلق وأخرج متاعك الى الطريق".
فجعلوا يقولون: اللهم العنه, اللهماخزه.
فبلغه فأتاه, فقال: ارجع إلى منزلكفوالله لا أؤذيك.
وعن الحسن أن رجلا أتى رسول اللهصلى الله عليه وسلّم برجل قد قتل حميما له, فقال له النبي صلى الله عليهوسلّم:" أتأخذ الدية؟"
قال: لا
قال: أفتعفوا؟
قال: لا.
قال: اذهب فاقتله!
فلما جاوزه الرجل قال رسول اللهصلى الله عليه وسلّم: ان قتله فهو مثله.
فلحق الرجل رجلا فقال له: إن رسولالله صلى الله عليه وسلّم قال كذا, فتركه وهو يجر نسعه في عنقه.
قال ابن قتيبة: لم يرد رسول اللهصلى الله عليه وسلّم أنه مثله في المأثم واستيجاب النار أن قتله. وكيف يريد هذهوقد أباح الله عز وجلّ قتله بالقصاص, ولكن كره رسول الله أن يقتص وأحب له العفو,فعرّض تعريضا أوهمه به أنه إن هو قتله كان مثله في الإثم ليعفو عنه, وكان مراده أنيقتل نفسا كما قتل الأوّل نفسا, فهذا قاتل وهذ قاتل, فقد استويا في قاتل وقاتل, إلاأن الأوّل ظالم والآخر مقتصّ.
وفي حديث رسول الله صلى الله عليهوسلّم من هذا كثير خصوصا في المعاريض, فمن ذلك روي عن سعيد بن المسيّب أن عائشةرضي الله عنها سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمزح؟
قالت نعم. كان عندي عجوز, فدخل رسولالله صلى الله عليه وسلّم فقالت:" ادع الله أن يجعلني من أهل الجنّة".
فقال:" إن الجنّة لا تدخلهاالعجائز."
وسمع النداء, فخرج ودخل وهي تبكي,فقال: ما لها؟
قالوا: انك حدّثتها أن الجنة لايدخلها العجائز.
قال:" ان الله يحوّلهن أبكاراعربا أترابا".
حدّثنا أنس بن مالك قال: جاء رجل إلىالنبي صلى الله عليه وسلّم ليستحمله فقال: "أنا حاملك على ولد ناقة".
قال: يا رسول الله, وما أصنع بولدناقة؟
قال:" وهل تلد الإبل إلاالنوق؟".