حروف الجواب

* عندما يسألونك : " هل أنتَ زيدٌ ؟ "

فقد تجيبُ بالنفي ( لا ) أو ( كلاَّ ) .

أو قدْ تُجيبُ بالإيجاب (أجلْ) أو (بلى) أو (نعمْ) .

فما هو الاستخدام الصحيح لهذه الحروف ؟

* بادئ بدء – من الناحية الإعرابية – هي حروف جواب مبنيَّةٌ على السكون لا محل لها من الإعراب .. إلاَّ ما اقتضى التنويهُ في موضعهِ ..

ولنبدأنَّ بحروف الإيجاب لأنَّنا نحبُّ من الآخرين الموافقة على آرائنا ..

حروف الإيجاب


وهي ( أجل ، إنَّ، إيْ، بَجَلْ، بلى ، بلْهَ، جللْ، جيْرِ، نعم، )

أولاً = أجلْ :

هو حرفُ جوابٍ بمنزلة (نعم) وقد يكونُ :
1 – تصديقاً للمخبر بعد جملةٍ خبريَّةٍ – المقصود الخبر في علم المعانِي هنا – فمثلاً يُقالُ لك : "قامَ زيدٌ" فتُصدِّقهُ قائلاً (أجلْ).

2 – إعلاماً للمستخبرِ بعد السؤال فلو قيلَ لكَ : ( أقامَ زيدٌ؟ ) فتخبرهُ بأنَّه فعل ذلكَ قائلاً (أجلْ).

3 – وعْداً للطالبِ بعد الأمرِ فلو قيلَ لكَ ( اضربْ زيداً ) فتعدهُ بالتنفيذِ فتقولُ : (أجلْ).

ثانياً = (إنَّ)

ورد عن العرب جواز وقوع (إنَّ) بمنزلةِ (نعمْ) فقد ورد عن عبد الله بن الزبير أنَّ رجلاً جاءهُ فقالَ له :
"لعنَ اللهُ ناقةً حملتْنِي إليكَ!".
فأجابه : "إنَّ وراكبها" .
أي : "نعم وراكبها" .

وهذه برأيي محمولةٌ على الشذوذ لا القياس .

ثالثاً = إيْ

حرفُ جوابٍ بمنزلة (نعم) يُستعمل كسابقه تماماً في ثلاثة مواضع، فتقولُ للسائلِ : (هل قامَ زيدٌ؟) مجيباً (إيْ) لتخبره بأنَّه قامَ فعلاً.

رابعاً = بَجَلْ :

حرفُ جوابٍ بمنزلة (نعم) فتقولُ (بجلْ) لمن سألكَ : " أأنتَ الذي تدرسُ النَّحْوَ؟" .

خامساً = بلى :

حرفُ جوابٍ بمنزلة (نعم) وتفيد إبطال النفي سواءٌ أكانَ مُجرَّداً من الاستفهام كقوله تعالى :
{ زعمَ الذينَ كفروا أن لنْ يُبعثوا قلْ بلى لتُبعَثُنَّ }سورة التغابن 64 / 7

أو مقروناً باستفهامٍ ، وقد يكونٌ الاستفهام :

1 - حقيقياً : نحو (أليسَ زيدٌ عندكَ؟) فتقولُ (بلى).
2 - توبيخياً : كما في قوله تعالى :
{ أم يحسبونَ أنَّ لا نسمعُ سرَّهم ونجواهم بلى ورسُلُنا لديهم يكتبونَ }سورة الزخرف 43 / 80
3 - تقريرياً : كما في قولهِ تعالى :
{ كُلَّما أٌلقيَ فيها فوجٌ سألهم خزنتها ألمْ يأتِكمْ نذيرٌ قالوا : بلى قد جاءنا نذيرٌ فكذَّبْنا }سورة الملك 67 / 8 - 9
أي : يقرون بذنبهم أمام الله تعالى .

مسألةٌ فقهيةٌ لطيفةٌ :
قال الفقهاءُ : "لو قيلَ : أليسَ لي عليكَ ألفٌ ؟ "
فلو قال : "بلى" لزمتْهُ.
ولو قال : " نعمْ " لم تلزمْهُ !!
لآنَّ (بلى) لإبطال النفي فقد لزمته كأنه قال : "بلى لي عليك ألف".
أمَّا (نعمْ) فهي تصديقٌ للمخبر بنفيٍ أو إيجابٍ ... كأنَّه قال : "نعم ليس لي عليك ألف".
وقال آخرون : " تلزمه في الحرفين لأنَّ كليهما لغةً صحيحٌ " .

سادساً = بلْهَ

ذكر الليث ورود (بله) بمعنَى (أجل) معتمداً على قول الشاعر :
بلْهَ إنِّي لم أخنْ عهداً ولمْ **** أقترفْ ذنباً فتجزيني النِّقَمْ
أي : أجلْ إنِّي ..
وقال : لذلك كُسرت همزة (إنَّ) بعد (بلْه) لأنّها بمنزلة (أجل).

سابعاً = جللْ

وهو بمعنَى (أجلْ) كقولكَ ( كدْتُ أهلكُ من جللهِ ) أي (من أجلهِ).


ثامناً = جَيْرِ

وهو بمعنَى (أجلْ) كما في قول الشاعر :
قالتْ : أراكَ هارباً للجوْرِ **** من هدَّةِ السُّلطانِ ؟ قلْتُ: جيْرِ
أي : أجلْ

تاسعاً = نعمْ :

حرف جوابٍ .. وبعض العرب يكسرها (نِعَمْ) وبعضهم يبدل العين حاءً وبها قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ولها استخدامت (أجل) كما في قوله تعالى :
{ فهل وجدْتمُ ما وعدكم ربُّكم حقاً قالوا : نعمْ }
سورة الأعراف 7 / 44

حروف النفي :

وهي : (كلاَّ - لا)

أولاً - كلاَّ :

يخطئ من يستخدم (كلاَّ) في النفي لسؤالٍ وُجِّهَ إليهِ، فهو حرف ردعٍ وزجرٍ ، كقوله تعالى :

{ كلاَّ إنَّها كلمةٌ هو قائلها } سورة المؤمنون / 99

فهنا ردعٌ وزجرٌ لهم ..

وأمَّا في قوله تعالى : { كلاَّ إنَّ كتابَ الأبرارِ لفي عليين } سورة المطففين 83 / 18
فهي لردع الفجرة عن التوهم أنَّهم كالأبرار ..
وقال الكسائي : هي بمعنَى (حقاً) ... إلاَّ أنَّ همزة (إنَّ) لا تُكسر بعد (حقاً )..
وقال أبو حاتم السجستاني : هي بمعنَى (ألا) وهو أولى من رأي الكسائي لأنَّ همزة (إنَّ) تكسرُ بعدها كما أنَّ السجستاني فسَّر (كلاَّ) بحرفٍ وهو (ألا) وتفسير الحرف بالحرف أولى لأنَّ الكسائي فسَّرها بمعنَى الاسم (حقاً).

ثانياً = لا :

حرف جوابٍ دالٍّ على النفي وتُحذفُ بعدها الجملُ كثيراً فجواب (هل درس سعيدٌ؟) هو (لا) والأصل (لا ما درس سعيدٌ).

وقد تدخل على الأسماء أو الأفعال فتصبح للنفي ولكنَّها لا تكون حرفَ جوابٍ .

نلاحظ على حروف الجواب:

1 - التي ذُكرت في القرآن الكريم هي : (بلى) و (كلاَّ) و (نعم) .

2 - التي لم نعد نستخدمها هي : (إنَّ) كما ذكروا معناها ، و(بجل)، و(بله)، و (جللْ) و(جير) وإنَّما ذكرناها لمعرفة أنَّها في لسان العرب وحسب.