أجمل قصائد العشق - المتنبي

قافية المتنبي التي وزنها الكامل ( البحر الذي يعطي العاطفة تكاملاً )
قصيدةٌ رائعةٌ للشاعر العظيم أبي الطيب المتنبي الذي ما إن يفتح فناً في الشعر حتَّى يحلَّقَ في سماء الإبداع وحده وما من منافسٍ له ..

عرفنا المتنبي جسوراً شجاعاً يملأ الدنيا فخراً واعتزازاً واعتداداً بالنفس ، ولكن حين نسمع نفثات عشقه نرى نفساً مازالت على اعتدادها حتَّى وهي تطرح نفسها في مطارح العشاق ومصارع الغرام ...

هو يأرقُ للهوى والغرام وتدمع عينه، ولكنَّه يأرقُ لأنه العظيم الذي يأرق ومثله أهلٌ لذاك، والغاية في الغرام أن يكون العاشق كما يراه ساهراً متلهفاً، يبوحُ فؤاده ويلتاع لو برق البرق أو شدا الطائر،

وهكذا يطرح المتنبي الجدلية المشهورة :
(( أنا لست عاشقاً فألوم العشاق وأسخر ممن غرق في العشق ، ولكن ما إن أُبحر في بحر الغرام وأغوص عميقاً حتَّى أجدَ نفسي أتعجبُ ممن لم يقع في العشق ))

وعذلت أهل العشق حتى ذقته = فعجبت كيف يموت من لا يعشق

أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ **** وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ

جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى ** عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ

مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طـــــائِرٌ **** إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ

جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي *** نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ

وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ ** فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ

وَعَذَرْتُهُمْ وعَرَفْتُ ذَنْبـــــي أنّني **** عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا



ولكنَّ المتنبي ليس عاشقاً أبداً ، بل هو يحب نظرياً دون خفقان قلبٍ حقيقيٍّ ولذلك نراهُ ينعطف للحكمة ثم المديح وسنكتفي بهذه الأبيات الرائعة في الحكمة :

أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ **** أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ

نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ *** مَعْشَرٍ جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا

أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى *** كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا

من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ * حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ

خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا** أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ

فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ** وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ

وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ *** وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ

وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي* مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ

حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ *** حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ

كتير حلوين يسلم ايديك زيزوس