من ضفة الحياة الى ضفة الموت .. رسالة من صديقي عن " الثورة " في جبل الزاوية

اقتباس :

عكس السير

منذ بداية الأحداث في سوريا , عاث الضباب فساداً في نفوس السوريين , وانقسموا , السوري الذي كنا نتغنى بسوريته أصبح نصف سوري , لأنه أنكر سورية نصفه الاخر , كل سوري صار إلهاً .. رايه منزل من السماء .. ويقابل الإله .. إله آخر .. يرى اليقين .. اليقين اليقين .. وتناسوا أن اليقين هو طريق حقيقي إلى الله .. المطلق الوحيد .

سوري يرى أن كل ما يحدث هو مؤامرة وأن المظاهرات ليست سلمية , وأن المتظاهرين مرتبطون بمشاريع خارجية , وأنهم يقبضون بالدولار من الخارج , ويدعمون وجهة نظرهم بالهجمة الإعلامية المنظمة التي تشنها الجزيرة والعربية وغيرها , في مقابل سكوتها عن قتل واعتقال ما يقارب نصف الشعب البحريني , إضافة للمواقف الدولية التي تتاجر بالأحداث المزورة .

يقابله سوري يرى أن النظام هو المسؤول عن القتل , ويحمله المسؤولية الكاملة عما يجري , ويرفض رفضاً قاطعاً أخبار قيام المتظاهرين بأعمال عنف , ويرفض مقولة وجود المسلحين , وحين تواجهه بدليل .. يسخف لك الأمر ويقول أن ما يصدر عن المتظاهرين من عنف هو ردة فعل على عنف النظام .

ليست مشكلتنا في الاختلاف , وإنما في الإلغاء , ورفض الآخر , والتخوين , لقد حولنا سوريا - بانقسامنا - من صبية موغلة في الأنوثة والعفاف , إلى عاهرة , سيحاسبنا الله , ويرجمنا التاريخ بالسواد .

صديقي الذي أخشى كتابة اسمه كي لا يقتلوه , باعتبار أن القتل أصبح لغة سورية رائجة , وعشرات التهديدات بالقتل تصلني شخصيا , حتى تعودت عليها , ينتمي إلى قرية جميلة وادعة في جبل الزاوية , زرناها يوماً , كانت حينها قطعة من الجنة , عاد من قريته , اتصل بي , جلسنا , روى لي أشياء لا تروى , عن عشرات القرى التي ترزح تحت نير آلاف المسلحين , وعن المحاكمات الميدانية , وعقوبات " الإخصاء " في الشارع ..

طلبت من صديقي أن يكتب لي ما حدث معه بلغته , كرسالة من الاخر , هنا أنا لست طرفاً , ولكني أنقل لكم حرفيا ما خطه صديقي , على أن ننقل لكم فيما بعد تحقيقا مفصلاً بالأسماء , والتفاصيل , ما يجري هناك في ريف إدلب .
حافظنا في موقع عكس السير على حياديتنا خلال الأحداث الجارية , وكنا عين السوريين , كل السوريين , ونافذة المغتربين الصادقة على الوطن .

استعير من صديقي الدكتور " نضال الصالح " مقولته " فلتذهب إلى الجحيم كلّ يد تعاند حرّية التعبير السلميّ أيّاً كانت تلك اليد الآثمة " , لأقدم لكم رسالة صديقي " حرفياً " .

نص الرسالة

كان العيد قد أتى يحمل معه تياراً جارفا من الحنين و الخوف ، حنين يشدني إلى ضيعتي و طفولتي و اهلي هناك ، الى رائحة الخبز و البخور و الزيتون و عرائس العنب الى كل ما تعشش في الروح حارقا بلهبه ادمعي كي لا تنجرف بكثير من الدموع ، لكن رجالاُ لا يبكون.

و خوف من شيء لا اعرفه لا افقهه فأنا بعيد جدا عما يحدث هناك حزمت امتعة قراري صباحا و كخدعة من خدع الزمان كانت تلك الشهور القليلة تسيطر على الحيز الأكبر من ذاكرتي اعود اليه من جديد يدخلني في خلافات و تصالحات بيني و بيني و دون معرفتي كيف وصلنا الى هذه الحالة من اللايقين او ربما من الشك وصلت إلى هناك حاملا كل ما قرأته عما يسمى ثورة او نضالاً اردت ان ارى الحقيقة.

منذ زمن و انا احاول العثور على الطريق في هذا العالم المليء بالانحدار الى هاوية ديكتاتورية لا أحد ممن تنبأها و هتف لها توقع حقيقتها او تخيلها لست مؤمنا بأن الثورة المضادة هي التي تحارب الثورة فانا لا امارس اي نضال و لا أطمح لغرض فكري خاص في وجه الفكر المسيطر.

انا ببساطة اريد ان اشك لا بالثورة فحسب بل بالانسان نفسه فأنا رجل يرفض الايمان المطلق.

و عند مروري على الجسر الأول ادركت للحظة ان هذا الجسر الصامت قادني من ضفة الحياة الى ضفة الموت ليس لديك اي عذر اذا قتلت احدا بدم بارد و كان المسلحون قد أمعنوا قتلا و تنكيلا بأبناء قريتي ، شباب لا يمتلكون أخلاقيات الثورة و لا فكرها يفتخرون بأسلحتهم و يصنعون امامك مئات من الحواجز و الخوف.

الصدمات القادمة من الخارج بكل ما تجره من تبعات على طريقة الانسان في الاستجابة و الفعل لن تكون اقل قسوة و صعوبة من الجروح العميقة المخبأة في اللاشعور و التي يبرزها التسلط و الجشع فجأة أمام الانسان و تتملك منه.

ثورة الجشع و المال حركت جنون البشر و جنون الطبيعة أسراب من الطيور و الحيوانات تختفي خائفة في الجحور المحيطة بالجبال.

لقد قرر المنتصر كيف سيكون شكل المستقبل و هم ظنوا بأنهم منتصرون و راحو يرسمون مستقبلا من الخوف و الالام و الجشع و القتل.

المسلحون في قريتي ليسوا من المثقفين او المناضلين بل هم عبارة عن مجموعة من الفارغين المجرمين و السيئي السمعة يعرفهم كل اهلها و فيما سواهم قبل كل هذه الاحداث.

احد شباب قريتي قتلوه لأنه اراد ان يذهب لعمله مات فيه الضوء أطلقوا عليه النار لنجده جثة يابسة عند الصباح و الآخر قاموا بمحاكمته ميدانيا لأنهم ظنوا أو شكوا ربما بأنه عميل لرجال الأمن و الآخر قتلوه لأنه قال ما هكذا تكون الحرية.

أي حرية تلك القابعة مع الخوف اي مستقبل ذلك القائم على الوهم و تحطيم الاحلام لمئات السنين القادمة.

نعم كنت خائفا منكم نعم كنت اكرهكم.

من يعرف الحقيقة ، انا اعرفها و ربما العالم كله يعرفها ربما تحول أولئك الى دمى يصفق لهم فلا يدركون وسط تضليلهم ما يجري يواصل القيام بالدور الذي فصل لهم على مقاسهم ليس لأحد الحق في ان يقتل احدا من اجل المال .. او لأنه يظن بأنه اعتدى عليه ، لأن الحب أسبق من كل شيء ، يسبق التضحية و النضال و الصلاة ، لأنه الفضيلة العليا المقدمة على كل شيء لأنه ارتباطنا بالسماء بالله بالخالق الرحيم لأن الحب هو تكفيرنا عن شعورنا بالذنب.

عدت الى ضفة الحياة و خرجت من قريتي حاملا صرختي ، لن نسمح ان تكون الاشياء عديمة القيمة هي الشيء الوحيد الذي سيتبقى منا فأنا الان شعور لا استطيع بعده ضعيفاً.

لن نسمح أن تكون الأشياء عديمة القيمة هي الشيء الوحيد الذي سيتبقى منا .. فأنا الآن شعور لا أستطيع بعده ضعيفاً ..

انتهت رسالة صديقي

أنا كسوري , مع الثورة , الثورة ضد الفساد والفاسدين , ومع التظاهر السلمي , لكني لست مع ثورة قائمة على القتل .. قتل الآخر .. أيا كان ..

عبدالله عبد الوهاب

أنا صرت عم أكره كلمة ثورة وكلمة حرية من ورا كل شي صار!!!
يعني حاج ملينا وما بدنا لا حرية ولا سلمة ولا ما بعرف شو
بدنا بس أمااااااااااااااااان

شكرا جنراااااااااال

قال ثورة قال

هي هيي حقيقة اللي عم يسموها ثورة

مشكورين لمروركن

اللافت بالموضوع انو كل المسلحين و الارهابيين مانن من المثقفين ولا المناضلين هنن مجرمين وبس وما حدا رح يرد علين شو ما عملوا بس رح يوقعوا بايد العدالة باذن الله لأنن عم يدعو الثورة والحرية بلا ما يفهموا معناتن
تقودهم نزعاتهم الوحشية بالقتل و تخلفهم وتطرفهم
والله يحمي سوريا
شكرا نضال