إن كانت هذه المتلازمة بين الدراما والجنس أمراً محتماً على المسلسلات السورية , فرجاءاً أعيدوا النظر بموسم المسلسلات وأبعدوه عن شهر رمضان ….
أستغرب من تلك المتلازمة , فيما بين الدراما والجنس , التي باتت تسيطر على المسلسلات السورية في السنتين الأخيرتين , فإن كانت هذه الدراما كما يقول كتابها تسلط الضوء على الواقع المعاش , فأين نحن من هذه الدراما ؟
لعل الحلقات الأولى من مسلسل تخت شرقي من تأليف يم مشهدي وإخراج رشا شربتجي , قد أظهرت بشكل واضح مضمون هذه الملحمة الجنسية , التي تسود سوريا وتحديداً العاصمة دمشق , دون أن ندري , فمنذ بداية هذا المسلسل نرى التوجه الذي اختارته الكاتبة يم مشهدي لروايتها , لم أعد أعلم هل أشاهد مسلسل سوري أم فلم مدينة الخطيئة , لا أعلم من أين استقت هذه الكاتبة شخصياتها , وأين تدور حوادث ذلك المسلسل , فبطل المسلسل الكازانوفا يعرب (قصي خولي) هو أحد الأشخاص النازحين الذي يحمل منزله المتنقل في حقيبته أينما رحل وحل والذي يردد بحقد أحد الجمل التي لا أدري ما مضمونها عندما يقول يعرب بعد حديث عن النازحين والدمشقيين (مابعرف لو أنو إسرائيل كملت احتلالها لحدود حمص … شو كنتوا بدكم تتسموا انتوا ) لن أعلق على هذه الجملة وأبعادها لما تحتويه من حقد كبير أستغرب حتى أن تتطرق له كاتبة سورية في إحدى رواياتها , ونكمل مع يعرب الذي تعشقه كل الفتيات ولكنه مختص بالسيدات حصراً من مطلقات أو متزوجات واللاتي يتوفرن بكميات هائلة تجعله لا يفكر أبداً باستئجار منزل كون هذه الشخصية المعشوقة من السيدات لايمر يوما إلا ويكون بأحضان إحدى تلك السيدات , و من يعرب ننتقل إلى المحامي سعد (محمد حداقي) الذي يعاني من مشاكل عائلية , تدفعه وبأسهل الفرص إلى إقامة علاقة جنسية مع الجارة الخمسينية (مها المصري) وطبعاً علينا أن ننوه أن جيران المحامي الشاب هم راقصة بدوية على استعداد دائم لتلبية الرغبات الغريزية للسيد يعرب , والجار الآخر هو الرجل المعجزة (عبد الهادي صباغ) , ذلك الرجل يشرع بابه لكل من يطرقه , بل ويقوم بلحظة درامية مؤثرة بإعطاء يعرب 2000 ليرة سورية من 2500 ليرة التي لايملك غيرها , وهو يعلم أن السيد يعرب ليس بحاجة النقود إلا من أجل الذهاب إلى موعد غرامي مع إحدى الفتيات التي تعرف عليها مصادفة , وبالانتقال إلى الشخصية الثالثة نشاهد الدكتور الفلسطيني (مكسيم خليل) الذي استطاع بسرعة البرق أن يقيم علاقة جنسية مع إحدى الزميلات التي تعمل معه بنفس المستشفى (سلافة معمار) , والمؤسف في الموضوع هو والد سلافة معمار في المسلسل (فارس الحلو) عندما يعود إلى منزله ليفاجئ ابنته بهدية عيد ميلادها , ولا يعلم أنها تخبئ زميلها الدكتور في إحدى خزائنها بعد مشهد درامي على تخت سلافة معمار لم يسبق أن رأيناه في الدراما السورية , وبالانتقال إلى المتزوجين نرى أمل عرفة التي تلعب دور المرأة المضطهدة من زوجها , مايبرر لها تخيل أنها تقيم علاقات مع أشخاص آخرين بحديث فاضح وعلني يجري بينها وبين أختها , إلى أن تنتهي بأنها تريد أن تستمتع بحياتها مع الرجل الذي تراه مناسباً لها دون إعارة أي أهمية أو انتباه لزوجها .
بعد هذا التشوه البصري والسمعي , ينتقل المشاهد لرؤية مسلسل لعنة الطين , الذي تفائلنا أن يكون هذا المسلسل بداية للحديث عن حقبة عانى منها السوريون مرارة لامثيل لها , وهي حقبة الثمانينيات , إلا أننا نفاجئ بأن هذا المسلسل يزور الوقائع التاريخية والسياسية , وينقلنا إلى الجامعة مصورا لنا تلك المرحلة بأنها مرحلة من الانفتاح تجعل من الطالبات لا يرون مشكلة في النوم بمنزل أحد زملائهم , بعد الاستماع إلى سرد ممل ولايحمل أي معنى عن الحرب اللبنانية فيما بين خال صاحب المنزل (عبد الحكيم قطيفان) وأحد دكاترة الجامعة (عدنان أبو الشامات) , ولا أدري مافائدة إدخال أخت أحد الطلاب الذي يبدو من هيئته أنه من الأخوان المسلمين (رنا شميس) على أنها تمارس الدعارة , وبشكل مقرف إلى أن تموت والدتها وهي بمنزل أحد عشاقها فتقرر الانتقام والتوبة إلى الله, كما لو أصبح التطرق إلى الجنس هو أحد الدعائم الأساسية في المسلسلات , ولو كان لا يخدم النص ولا الفكرة في المسلسل.
وأخيراً وليس آخراً ليس لي إلا أن أتحدث عن سلسلة المهزلة التي يقوم بإخراجها المخرج الهاوي يوسف رزق , والتي لاتنفك تتكلم عن الإيدز وكأن هذا المرض يفتك بالشباب السوري دون رحمة , لا بل وتعدا هذا المخرج حدود الأدب والأخلاق عندما قام بإظهار أحد المشاغبين (نضال سيجري) كما يحب أن يسميهم هذا المخرج وهو يحاول الاعتداء على فتاة ترتدي تنورة قصيرة في أحد الأبنية علناً , وهو يردد على مسامعها (عطيني بوسة مشان الله عطيني بوسة) هذا القبح والحماقة الإخراجية التي نخجل أن نسميها دراما السورية , حان وقت إيقافها من قبل مسؤلي الرقابة والتلفزيون في سورية , لما تقدمه من صورة سلبية للمجتمع السوري .
إن كانت الدراما السورية قد نهضت وتربعت على قمة هرم الدراما العربية , فذلك لأنها كانت تقوم بمعالجة مشاكل اجتماعية مهمة محاولة إيجاد حلول لها , أما الآن فقد بات دور الدراما السورية هو البحث عن الاستثناءات وتعميمها وإظهارها بمظهر العادة الطبيعية في مجتمعاتنا , حتى نسمع الكثير من الناس اللذين يقولون (أي كلها هي حالات صايرة أنا سمعت أنو في هيك شي) , ولكن يبقى السؤال لكل هؤلاء هل تتجرأون أن تقولوا أنكم انتم أو أحد من أفراد عائلاتكم يمثله دور أحد هذه الشخصيات في المسلسلات السورية ؟
وإن كانت هذه المتلازمة بين الدراما والجنس أمراً محتماً على المسلسلات السورية , فرجاءاً أعيدوا النظر بموسم المسلسلات وأبعدوه عن شهر رمضان
بقلم المحامي احمد منصور