عند المقارنة بين الحركتين , أو يمكن أن نقول عنهما التنظيمين , واللذان يبدوان للوهلة الأولى , من أنهما عدوان لدودان , لا يمكن أن توجد أهادف مشتركة بينهما , ولا يمكن أن يلتقيا لوجود المسافة التي تفصلهما عن بعض , وكذلك في انتماء كل فريق لمشرب مختلف عن بعضهما
فالصهيونية حركة يهودية
بينما القاعدة حركة إسلامية
وفي أدبيات كلا الفريقين , العداوة متأصلة بينهما , ولا يمكن أن يلتقيا أبداً
وهنا لابد لنا أن نبحث عن الأهداف المشتركة بين الفريقين , وبما أنهما كذلك
فالسؤال هو:
هل يوجد حقاً أهداف مشتركة بينهما؟
فالحركات الصهيونية سعت وتسعى للسيطرة على العالم , للوصول لمملكة يهوذا , عن طريق الغاية تبرر الوسيلة
ولم تترك وسيلة إلا واتبعنها لتحقيق هذه الغاية , في حبك المؤامرات والتفجيرات العشوائية والاغتيالات الجماعية والفردية والدسائس , وتقسيم العالم لمعسكرين والتشكيك في الأديان السماوية , وإنشاء الفرق والطوائف ,لتدمير المجمعات الدينية في أوروبا وأمريكا وفي الدول الإسلامية , وحربين عالميتين كان لليهود النصيب الأكبر في قيامهما , للوصول للهدف المعلن في بروتوكولات حكماء صهيون (علينا أن نصل بالعالم لفوضى كاملة , في الدسائس والمؤامرات وإقامة الحروب , والانقلابات , وعندما تصل البشرية لقمة الفوضى تلك سيبحثون عن قيادة سياسية تخرجهم من الفوضى , ولن يجدوا إلا اليهود , الشعب المنظم والوحيد , والبعيد عن هذه الفوضى , فيطلبون منا باختيارهم أن نحكمهم , وعندها تقوم مملكة يهوذا ).
بالإضافة إلى ذلك فهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار , وكل ما عداهم , لا يكادون يتساوون حتى مع الحيوان , وفي هذه الحالة فلا أسف على الأرواح التي تزهق والدم الذي يسفك من شعوب الأرض كافة إن كان يقف عثرة في طريقهم.
تتبنى القاعدة أسلوبا متشابها أيضا في الوصول لهدفها المعلن هو:
إقامة الخلافة الإسلامية وإحيائها من جديد , والعمل بكل الوسائل الممكنة لتحقيق هذه الغاية , بغض النظر عن مبرراتها لتلتقي مع الفكرة التي تشبهها عند الصهيونية , في أن الغاية تبرر الوسيلة , وطالما أن الغاية نبيلة , فلا بد من تقديم تضحيات كبيرة للوصول للهدف , في قيام الخلافة الإسلامية
هذه الخلافة لا يمكن أن تظهر للوجود ما لم يسبقها فوضى عارمة , تعم جميع البلدان الإسلامية , لتخرج من رحم هذه الفوضى القاعدة , والمنظمة وصاحبة القوة المسيطرة على الأرض , لتكون الحاكم الفعلي وإقامة الدولة الإسلامية
لتحقيق ذلك لابد لها من شعار ينضوي تحته كل أفرادها , شعارها الولاء والبراء
تحت هذا الشعار عندها المبرر الكافي لسفك الدماء المستحقة والبريئة , فكل من لا ينتمي إليها وإلى فكرها , إن كان من المسلمين فهو كافر مرتد , وإن كان من غير المسلمين فدمه مهدور من أصله
حكومات الدول الإسلامية كلها كافرة , وكل من يؤيد هذه الحكومة فهو كافر مرتد , وإن هاجم عدو بلداً ما , كما حصل في العراق قبل الغزو الأمريكي , وفي الحروب مع إسرائيل ومات , فقد مات كافراً , لأنه قتل في الدفاع عن نظام كافر
ولا يجوز اللجوء إلى القضاء في هذه الدول , ولو حكم القاضي لصالح المدعي فإن حكمه باطل لأنه في ظل نظام كافر , وقانون وضعي
فشعار الولاء والبراء يعطيهم الحق في القتل لكل من لا ينتمي إليهم , فتطويع هذا الشعار لفكرهم ومعتقدهم الذي هم عليه , جعلهم يقومون بتفجيرات في أماكن كثيرة , ويستخدمون الأحزمة الناسفة , في حال كان ذلك يؤدي إلى رسوخ الفوضى في المجتمع
فاليهود عندهم المعتقد في أنهم شعب الله المختار والباقي عبيد , وعند القاعدة الولاء والبراء وفيما عدا ذلك فهو كافر ويجوز قتله
التقت المصلحة المشتركة بين الطرفين القاعدة واليهود , هذه المصلحة من وجهة نظري هي أهم النقاط المشتركة بين الطرفين
هما القتل المبرر عند الطرفين للبقية من البشر والذين لا ينتمون لهم بفكرهم ومذهبهم , والوصول للفوضى العارمة , ويعبران عنها بالفوضى الخلاقة
هذا التطرف المبني على سفك الدماء , لاقى تشجيعاً ودعما من اليهود , هذا الدعم إن لم يكن في الظاهر , فهو حتماً موجود بشكل سري , وليس من الصعب اختراق تنظيم القاعدة من قبل اليهود أو حتى غيرهم , والوصول فيها لمراكز قيادية , والتي تعطي الأوامر بالقتل والتفجير والاغتيالات
كثير من الناس يتساءلون ويسألون أنفسهم
ما هو الهدف الكامن وراء تفجيرات مترو الأنفاق في بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية , وتفجيري البرجين في أمريكا , وما هي الفائدة ذات الطابع النفعي للمسلمين في الغرب والمسلمين في العالم كافة ؟
ولو وجهت هذا السؤال لقائد أو فرد في القاعدة لقال الآتي :
هي دول كافرة ونحن في حرب معهم وكما يقتلوننا نقتلهم , فهاهي فلسطين وأفغانستان والعراق والشيشان شاهدة على جرائمهم ضدنا
ولكن لو قلت له , إن هذا العمل يضر المسلمين في تلك الدول لكان جوابه
إنهم ليسوا بمسلمين لأنهم ارتضوا بالحياة في ظل نظام كافر , ولا فرق بينهم وبين أي مواطن من تلك الدول
ولو عرجت على سؤال أحدهم الآن , ما الهدف من تفجير الكنيسة في الإسكندرية وما الفائدة منها , لقال لك بالحرف الواحد , حتى تصبح فتنة في مصر ومن وراء هذه الفتنة , ينهار الحكم وتعم الفوضى ويكون لنا مركز الثقل والأقوى فيها للوصول للهدف
في العراق كان البعض منهم يسأل نفس الأسئلة , ومشابهة لها
فتقول لأحدهم لماذا تفجرون في المناطق السنية , مع أنكم تدعون أنكم الذين تحمون السنة من الشيعة والأمريكان ومن والاهم
وكان الجواب حتى يشعر كل السنة أنهم مستهدفون , ويهبون جميعا ويداً واحدة معنا لقتال الأعداء
والذين قتلوا على أيديكم منهم
فالفتوى جاهزة في أن كل شخص يموت على نيته , والدنيا ليس مأسوفاً عليها
في التصريحات الأخيرة لرئيس الموساد الإسرائيلي المنتهية ولايته , قدم تقريراً مفصلا عن إنجازاته خلال المرحلة السابقة ومن ضمنها السعي لعمل فتنة داخلية في مصر يكون من نتائجها تقسيم مصر لدولة قبطية ودولة إسلامية
وبعد هذه التصريحات تم تفجير الكنيسة القبطية في مصر ؟؟؟؟!!!!!!!
إن إسرائيل تمارس القتل واغتيال العلماء ورجالات السياسة والاقتصاد في العالم الإسلامي , وعند القاعدة هذه الإمكانيات
فالسؤال هنا :
لماذا لا يتم توجيه إمكانياتكم ضد الصهاينة ؟
يقولون أن إسرائيل ليس وقتها الآن ,علينا أن نتخلص من العدو الداخلي ونبني الخلافة وبعدها سيحل غضبنا على إسرائيل
وحتى يحين ذلك الوقت , فإسرائيل تنفذ بيدها ما تريد , وتساعدها الأنظمة العربية والقاعدة تفعل فعلتها , بدون وعي ولا نظرة مستقبلية إلا الفوضى والفتن الداخلية , وتستغلها الصهيونية وتستغلها الأنظمة
ويبقى الخاسر الوحيد نحن فقط
فمتى يعي هؤلاء أنهم ينفذون بأيديهم وبأنفسهم ودمائهم مشروع إسرائيل وتقوية الأنظمة العربية المستبدة؟
د. عبد الغني حمدو