( دررٌ تحيا، من كتاب أدب الدين والدنيا) للماوردي الجزء الثالث

فِي الْحِلْمِ وَالْغَضَبِ:
37 - رَوَى هِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
{أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ قَالَ:
اللَّهُمَّ إنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِك}.
38 - قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
أُحِبُّ مَكَارِمَ الأخْلاَقِ جَهْدِي **وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَـابَا
وَأَصْفَحُ عَنْ سِبَابِ النَّاسِ حِلْمًا ** وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ يَهْوَى السِّبَابَا
وَمَنْ هَابَ الرِّجَالَ تَهَيَّــبُوهُ **وَمَنْ حَقَرَ الرِّجَالَ فَلَنْ يُهَابَا
39 - قَالَتْ الْحُكَمَاءُ:
شَرَفُ النَّفْسِ أَنْ تَحْمِلَ الْمَكَارِهَ كَمَا تَحْمِلُ الْمَكَارِمَ.
40 - قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
احْتِمَالُ السَّفِيهِ خَيْرٌ مِنْ التَّحَلِّي بِصُورَتِهِ، وَالإغْضَاءُ عَنْ الْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِهِ.
41 - حُكِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ لِعَامِرِ بْنِ مُرَّةَ الزُّهْرِيِّ: مَنْ أَحْمَقُ النَّاسِ ؟
قَالَ: مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَعْقَلُ النَّاسِ.
قَالَ: صَدَقْت، فَمَنْ أَعْقَلُ النَّاسِ ؟
قَالَ : مَنْ لَمْ يَتَجَاوَزْ الصَّمْتَ فِي عُقُوبَةِ الْجُهَّالِ.
42 - قَالَ الشَّعْبِيُّ:
مَا أَدْرَكْت أُمِّي فَأَبَرُّهَا، وَلَكِنْ لاَ أَسُبُّ أَحَدًا فَيَسُبُّهَا.
43 - قَالَ الْحُكَمَاءُ:
ثَلاَثَةٌ لاَ يُعْرَفُونَ إلاَّ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاطِنَ:
لاَ يُعْرَفُ الْجَوَادُ إلاَّ فِي الْعُسْرَةِ،
وَالشُّجَاعُ إلاَّ فِي الْحَرْبِ،
وَالْحَلِيمُ إلاَّ فِي الْغَضَبِ.
44 - كَتَبَ إبْرُوِيزُ إلَى ابْنِهِ شِيرَوَيْهِ:
إنَّ كَلِمَةً مِنْك تَسْفِكُ دَمًا وَأُخْرَى مِنْك تَحْقِنُ دَمًا، وَإِنَّ نَفَاذَ أَمْرِك مَعَ كَلاَمِك، فَاحْتَرِسْ، فِي غَضَبِك، مِنْ قَوْلِك أَنْ تُخْطِئَ، وَمِنْ لَوْنِك أَنْ يَتَغَيَّرَ، وَمِنْ جَسَدِك أَنْ يَخِفَّ، فَإِنَّ الْمُلُوكَ تُعَاقِبُ قُدْرَةً، وَتَعْفُو حِلْمًا.
45 - رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
{الْخَيْرُ ثَلاَثُ خِصَالٍ فَمَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الإيمَانَ:
مَنْ إذَا رَضِيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي بَاطِلٍ،
وَإِذَا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنْ حَقٍّ،
وَإِذَا قَدَرَ عَفَا}.
***********************************************************************
فِي الصدق والكذب:
46 - رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما:
{دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لاَ يَرِيبُك فَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَالصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ}.
47- قَالَ بَعْضُ الأدَبَاءِ:
لاَ سَيْفَ كَالْحَقِّ، وَلاَ عَوْنَ كَالصِّدْقِ.
48 - قِيلَ: مَنْ قَلَّ صِدْقُهُ قَلَّ صَدِيقُهُ.
49 - رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
{تَحَرَّوْا الصِّدْقَ وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ فَإِنَّ فِيهِ النَّجَاةَ، وَتَجَنَّبُوا الْكَذِبَ وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنَّ فِيهِ النَّجَاةَ فَإِنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ}.
50 - قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:
لأَنْ يَضَعَنِي الصِّدْقُ وَقَلَّمَا يَفْعَلُ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَرْفَعَنِي الْكَذِبُ وَقَلَّمَا يَفْعَلُ.
51-قَالَ الْجَاحِظُ:
الصِّدْقُ وَالْوَفَاءُ تَوْأَمَانِ، وَالصَّبْرُ وَالْحِلْمُ تَوْأَمَانِ فِيهِنَّ تَمَامُ كُلِّ دِينٍ، وَصَلاَحُ كُلِّ دُنْيَا، وَأَضْدَادُهُنَّ سَبَبُ كُلِّ فُرْقَةٍ وَأَصْلُ كُلِّ فَسَادٍ.
52 - قِيلَ لِأَنُوشِرْوَان: مَا الَّذِي لاَ خَيْرَ فِيهِ ؟
قَالَ: مَا ضَرَّنِي وَلَمْ يَنْفَعْ غَيْرِي، أَوْ ضَرَّ غَيْرِي وَلَمْ يَنْفَعْنِي، فَلاَ أَعْلَمُ فِيهِ خَيْرًا.
***********************************************************************
فِي الْحَسَدِ وَالْمُنَافَسَةِ:
53 – رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
{دَبَّ إلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْبَغْضَاءُ وَالْحَسَدُ هِيَ الْحَالِقَةُ حَالِقَةُ الدِّينِ لاَ حَالِقَةُ الشَّعْرِ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، ألا أُنَبِّئُكُمْ بِأَمْرٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ اُفْشُوَا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ}.
54 - قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
يَكْفِيك مِنْ الْحَاسِدِ أَنَّهُ يَغْتَمُّ فِي وَقْتِ سُرُورِك.
55 - قَالَ الأصْمَعِيُّ:
قُلْتُ لِأَعْرَابِيٍّ: مَا أَطْوَلَ عُمُرَك، قَالَ: تَرَكْتُ الْحَسَدَ فَبَقِيتُ.
56 - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ:
اصْبِرْ عَلَى كَيْدِ الْحَسْوِ ** دِ فَإِنَّ صَبْرَكَ قَاتِلُهُ
فَالنَّارُ تَأْكُلُ بَعْـضَهَا ** إنْ لَمْ تَجِدْ مَا تَأْكُلُهُ
57 - قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَسَدٌ تُقَارِبُهُ خَيْرٌ مِنْ حَسُودٍ تُرَاقِبُهُ.
58 - رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
{ثَلاَثَةٌ لاَ يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْهُنَّ: الطِّيَرَةُ وَسُوءُ الظَّنِّ، وَالْحَسَدُ. فَإِذَا تَطَيَّرْت فَلاَ تَرْجِعْ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلاَ تَتَحَقَّقْ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَلاَ تَبْغِ}.
***********************************************************************
فِي الْكَلاَمِ وَالصَّمْتِ
59 – رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
{رَحِمَ اللَّهُ مَنْ قَالَ خَيْرًا فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ}.
60 - قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ:
اللِّسَانُ مِعْيَارٌ أَطَاشَهُ الْجَهْلُ، وَأَرْجَحَهُ الْعَقْلُ.
61 - قَالَ الشَّاعِرُ:
رَأَيْتُ الْعِزَّ فِي أَدَبٍ وَعَقْلٍ ** وَفِي الْجَهْلِ الْمَذَلَّةُ وَالْهَوَانُ
وَمَا حُسْنُ الرِّجَالِ لَهُمْ بِحُسْنٍ** إذَا لَمْ يُسْعِدْ الْحُسْنَ الْبَيَانُ
كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْبًا أَنْ تَـرَاهُ ** لَهُ وَجْهٌ وَلَيْــسَ لَهُ لِسَانُ
62 – قال الْخَطَفِيُّ جَدُّ جَرِيرٍ:
عَجِبْتُ لِإِزْرَاءِ الْعَيِيِّ بِنَفْـسِهِ ** وَصَمْتِ الَّذِي قَدْ كَانَ بِالْعِلْمِ أَعْلَمَا
وَفِي الصَّمْتِ سِتْرٌ لِلْغَبِيِّ وَإِنَّمَا ** صَـحِيفَةُ لُـبِّ الْمَرْءِ أَنْ يَتَكَلَّـمَا
63 - قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ لَمْ يَعُدَّ كَلاَمَهُ مِنْ عَمَلِهِ كَثُرَتْ خَطَايَاهُ.
64 - قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَدْ ذُمَّ الْكَلاَمُ فِي مَجْلِسِهِ:
كَلاَّ إنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فَأَحْسَنَ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْكُتَ فَيُحْسِنَ، وَلَيْسَ مَنْ سَكَتَ فَأَحْسَنَ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيُحْسِنَ.
65 - قِيلَ لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: مَا فِيك عَيْبٌ إلاَّ كَثْرَةُ الْكَلاَمِ.
فَقَالَ: أَفَتَسْمَعُونَ صَوَابًا أَوْ خَطَأً ؟
قَالُوا: لاَ بَلْ صَوَابًا.
قَالَ: فَالزِّيَادَةُ مِنْ الْخَيْرِ خَيْرٌ.
66 - رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ: {يُعْجِبُنِي جَمَالُك}.
قَالَ: وَمَا جَمَالُ الرَّجُلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ:{ لِسَانُهُ}.

آية مشكورة على مرورك الكريم