المرأة حين يفكر الرجل ... ويتصرف

يوسف شيخو
2009-08-13
حين قررت إحدى الفتيات الشرقيات والمقيمة في السويد إمتهان عمل تنبثق منه رائحة الرجولة لتجلس خلف المقود كسائقة تكسي أجرة، عندها أنصبت الدهشة وغمر الإستغراب ملامح كل شرقي ممن سمع الخبر أو قرأه,
دهشتهم تلك لم يكن سببها إفتقاد الفتاة لشاربين أوعضلات مكورة، كما إن الغرابة في إعتقادهم لم تتأت لجهلها فن قيادة تلك الآلة, العلة حسب الردود "غير الرسمية " على هذا الخبر لم يتجاوز ما يسمى بثقافة الرفض، سيما حين يرتبط الأمر بإمرأة، وأية إمرأة.. شرقية.
بديهي أن ترفض مجتعاتنا حتى مجرد طرح هكذا أمور كموضوع للنقاش أو التباحث، ناهيك عما يتمخض عنها من نبذ كل من يخالف بصيرة المجتمع ونظرته لكينونة المرأة على مسرح الحياة الذكورية.
الكل يعلم أن للمجتع قيود يفرضها على الجنسين، لتنال منها الأنثى حظ الذكرين، وخاصة عندما يرتبط الأمر بالعلم والعمل، آخذين في الأعتبار طبيعة المعتقد وطريقة التفكير السائدة ضمن كل بيئة، فمن الطبيعي وفق مقاييس البيئة المكانية أن تنال فتاة العاصمة حيزاً تحررياً أوسع من قريناتها ممن يقطن المناطق النائية، وإن بدأ الزمن "يثني ويذكر" بتقليص هذه الهوة، ليتاح للمرأة اليوم أن تضع ضمن قائمة متطلباتها المزيد من مستحقاتها المنسية أو لنقل المتناسية بفعل أناهم ومن ثم أناهم.
اذا كانت نساءٌ كميركل وكلينتون وأرويو تقدن كبريات دول العالم، أليس من حق زينب وسناء ورشا قيادة السيارة، حتى وإن كانت هذه الآلة ملكاً لزوجها أو والدها؟
لما تُنعت المرأة التي تقرر الاقدام على فعل ما بالمتمردة على زوجها وأسرتها ومجتمعها، بل وتُوصف أحياناً " بفحل الدار" إن لم يكن لزوجها أو أحد أفراد أسرتها سلطة كبح هذا القرار؟
التنويه سالف الذكر لم يكن سوى ترديداً لبعض المواد المنشورة في العام خمسة وألفين.. ههنا والآن كما يكررها جبران، هل نستطيع القول ان زينباً باتت كزيدٍ والآخرى كالآخر والثالثة مثل الثالث تماماً.
فالحديث عن المرأة اليوم وان بعد التطور في كافة مجالات الحياة لا يتجاوز جدال اثنين حول تفضيل الفاكهة على الخضار أو الاعجاب بلون احدى السيارات، فالنظر الى الانثى كفرد مفكر، فعال ومنتج في المجتمع لم يأخذ ابداً نصيبه العادل مقابل السيل الجارف من الابداعات الملتفة حول خصرها، والمتزامنة وخطوات "ساقيها" وما اكثر المبدعين حول دعم المرأة في تقضية حاجتها، وما اكثر المنصفين حين تحتاج دفاع احدهم، ولا نستطيع تقدير عددهم عندما يهرولون لمساعدة احداهن في موقف يستدعي ابراز العضلات، وكم هم مدافعون عن حقوقها حين تبدأ الشاشة الصغيرة ببث اللقاء، فالمنبر ذاك كفيل بان يوصلهم الى حيث اشباع القائمة الاولى من غريزيات ماسلو، التي اعتبرها ضرورة لا غاية..
فالمفارقة تكمن في الذهنية العصية على تقبل فكرة الانثى العالمة والمفكرة والشاعرة، فعندما يجتمع الذكورا تجدهم يتساءلون كالتالي، لماذا..
مائة كاتب.. وكاتبة.؟
روائية.. وخمسون روائي.
محللون سياسيون وأقتصاديون.. ملمات بالسياسة والاقتصاد.. ماذا ايضاً
لينتهي تساؤلهم ذاك الى نتيجة حتمية تقول: الرجل يملك كل شي والمرأة واحدة من هذه الاملاك، فكيف للمملوكة ان تملك. كيف للعيون الساحرة ان تقرأ وللجسد الضعيف ان يعمل وللعقل الفقير ان يفكر وللمَلكة الشحيحة ان تكتشف، وظيفتها لا تتجاوز تحلية كأس الشاي باناملهم والترويح عن الرجل بجاذبيتها، وتلبية مايريد بجسدها، وما عدا ذاك فهراء لا طائل من وراءه.
وليتستهزاوا بـ"الحرية" الممنوحة للمرأة يستحضرون أمثلة تدينهم، هم "الرجال" أكثر مما تسئ لمكانتها وهي تروح وتجئ بين ازقة بصيرتهم الضيقة، يقولون حين حديثهم عما يعتبرونهن "الفلتانات" كالآتي:
ابتاعت هذه المرسيدس إثر زواج ناجح وعريس "لقطة" وأن كانت قدما زوجها تتسارع نحو القعر اللامنتهي.. وتلك تقتني صديقاً يملك رصيد مصرفي لا محدود.. وهاتيك لا ندري ما نوع مزاجها.
ويقولون: خرجت معه في ساعة متأخرة من الليل، دون ان يشيروا الى ذاك الذي خرج معها في ساعة متأخرة من الليل عينه.
ولنوضح أكثر لن نذهب بعيداً لا من حيث المكان ولا حتى الزمان، فقرار منع هيفاء وهبي ونانسي وروبي الذي اصدره نقيب الفنانين لما لم يطبق على جاد شويري وتامر حسني وجواد العلي.. ولنقترب أكثر ليس لنا الا حمل "الآلة الحاسبة" لحساب عشرات المرددين ممن ينعتون انفسهم بـ"الفنانين الشعبيين" لاغنية سارية السواس.. فلما الحديث عن سارية "الانثى" والتغاضي عن العشرات من المقلدين.. لانهم ذكورا
يتحدثون عن المذيعات "العارضات" ويتجاهلون العارضين من متصدري الشاشات.
إن كان واقع قاسم أمين أحرق رسالته، ووريثوا ذاك الواقع اليوم يحاولون اخفاء ما تبقى من رماد تلك الرسالة،أليس حري بنا التوقف عند "المنصف" مما قاله أمين، بل و تقديس أغلب مانادى به، نزار دعانا إلى عبادة بلاقيسه فلما لا نركع ببراءة..، نوال السعداوي دافعت بشراسة، فلنرفع الراية البيضاء لأحقية معظم ما تذهب اليه..
ولي كلمة لا بد من قولها..
حين تخرجت من قسم الاعلام، لم ألحظ على قائمة العشرة الاوائل سوى الاناث.. فلم يكن للذكور نصيب في محفل النجاح ذاك..
وعند مشاهدتي للاذاعة المرئية والمسموعة انحني لمهنية خديجة بن قنة وابجل صوت هيام الحموي ولا معنى للصباح دون السفر مع كلمات ملكة لبنان "اللاملكية".. فيروز.اما قلم أحلام مستغانمي فليقرأه الذكورا علّهم اعترفوا بالادب النسائي.

شكرا الك جيتانز لانو الموضوع عالقليلة اعطى لمحة للمتحجرين من البنات انو مو كل الشباب متخلفين وانو في فهمانين بما فيه الكفاية

Boss