منتدى كلية الآداب في جامعة تشرين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا يا.. زائر .. نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات برفقتنا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدخول الأعضاء
طائفتي سوري

المواضيع الأخيرة
» علاء العيد ع قبال المية
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف اشتياق الروح السبت يوليو 25, 2015 8:28 am

» وينك...شو صاير ماحدا عم يدخل؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف اشتياق الروح السبت يوليو 25, 2015 8:17 am

» ارجعو بقاااااااااااا
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف اشتياق الروح السبت يوليو 25, 2015 8:10 am

» سليمى ................
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الأربعاء ديسمبر 24, 2014 10:20 pm

» إذا تأخر الزوج؟؟؟؟
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف kasem22 الخميس ديسمبر 18, 2014 10:55 pm

» الآية التي جمعت حروف اللغة العربية .....
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الأربعاء نوفمبر 05, 2014 5:21 pm

» مساااا الخيرر
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف shireen الأربعاء نوفمبر 05, 2014 12:36 am

» مساااا الخيرر
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف shireen الأربعاء نوفمبر 05, 2014 12:36 am

» حذار .....
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الإثنين نوفمبر 03, 2014 5:50 am

» برنامج الدوام أدب إنكليزي
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف idris الثلاثاء أكتوبر 14, 2014 7:13 am

» لا تسأليني ....
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الأحد أغسطس 31, 2014 5:37 am

» سجل حضورك بأسم شخصية تاريخية تاثرت بها ....!!!!
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف هبة 1990 الإثنين يوليو 14, 2014 10:14 am

» الى إدارة قسم اللغة الفرنسية في جامعة تشرين
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف nedalo الإثنين مايو 26, 2014 5:31 am

» يا حبيبي .........
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الأربعاء أبريل 23, 2014 4:02 am

» رباه ...!!
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الأربعاء أبريل 23, 2014 3:56 am

» رقَّ الفـؤَادُ .........
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الأربعاء أبريل 16, 2014 4:52 am

» ابن الرومي - هجاء
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الأربعاء أبريل 16, 2014 4:46 am

» معشوقتي ذرة الكربون
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الثلاثاء أبريل 15, 2014 3:18 am

» كأسٌ من سراب
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن الثلاثاء أبريل 15, 2014 3:09 am

» تناقض الصور
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف nedalo الإثنين مارس 31, 2014 1:52 am

» افتتاح مكتبة سيناتور
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف nedalo الإثنين مارس 31, 2014 1:41 am

» وطني يتضائل
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف nedalo الإثنين مارس 31, 2014 1:38 am

» قبلة حميمية
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف غسان حسن السبت مارس 15, 2014 5:41 am

» أيمت الدوام يا شياب
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف 7moda.3an الأربعاء مارس 05, 2014 2:04 am

» أرقام مدرسين خصوصيين
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyمن طرف احمد رامز الأحد فبراير 23, 2014 10:37 pm


 

 أبو محجن الثقفي - حياته وشعره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
zizoos 2000
مشرف قسم الأدب العربي
مشرف قسم الأدب العربي
zizoos 2000


ذكر
الجدي عدد المساهمات : 479
نقاط : 5804
تاريخ التسجيل : 03/12/2010
العمر : 34
الموقع : اللاذقية
المزاج : متوتر دائماً

أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Empty
مُساهمةموضوع: أبو محجن الثقفي - حياته وشعره   أبو محجن الثقفي - حياته وشعره Emptyالأحد مارس 20, 2011 5:22 pm

المقدمة:
كان لثقيفٍ عددٌ من الشعراء في الجاهلية والإسلام، وخاصةً المخضرمون منهم، وأشهرهم أبو محجن الثقفي الذي يرتبط اسمه بالخمرة، وليس بِها وحسب بل بالفروسية والشجاعة، وفي هذا البحث سنقوم بدراسة حياة الشاعر وأغراضه الشعرية، ملقيْنَ الضوء على جانبٍ مهمٍّ من تراثنا الأدبِي الشامخ، وسيكون منهجنا الاستقصاء للمعلومات، والتحليل الأدبِي لموضوعاته الشعرية، وتصنيفها حسب أهميتها عنده وكثرتِها.

الفصل الأول: أبو محجن الثقفي (حياته):

هوَ: عَمْرُو بنُ حبيبٍ بن عمرو بن عميْر بن عوف.
كنيته: أبو عبيد.
أمه: كَنود بنت عبد الله بن عبد شمس. ([1])
وواضحٌ من اسم أمِّهِ أنَّها من سادات قُريشٍ (عبد شمس)، وهذا يعني حسباً رفيعاً لأبي محجن الثقفي.
وصفه: أحد الأبطال الشعراء الكرماءفي الجاهلية والإسلام.
إسلامه: أسلم في السنة التاسعة للهجرة، وروى عدة أحاديث نبويةٍ. ([2])
مكانته الشعرية:جعله ابن سلام من فحول شعراء الطائف، وقال:

"أبو محجن رجلٌ شاعرٌ شريفٌ".([3])
شغفه بالخمرةِ بعد إسلامه: رغم إسلامه فإنَّه بادئ بدء لم يتخلَّ عن الخمرة حتَّى جلده عليها عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه وحبسه بسببها، ورد في كتاب (الأغانِي) من أنَّهُ أُتِيَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بِجماعة فيهم أبو محجن الثقفي، وقد شربوا الخمر، فقال:
أشربتم الخمر بعد أن حرمها الله ورسوله؟
فقالوا : ما حرَّمها الله ولا رسوله، إن الله تعالى يقول:
{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}([4])
فقال عمر لأصحابه: ما ترون فيهم؟
فاختلفوا فيهم، فبعثَ إلى عليٍّ بن أبِي طالبٍ رضي اللهُ عنهُ فشاوره فقال:
إنْ كانت هذه الآيةُ كما يقولون، فينبغي أن يستحلوا الميتة والدم ولحم الخنـزيرِ
فسكتوا، فقال عمر لعلي: ما ترى فيهم؟
قال: أرى إن كانوا شربوها مستحليْن لها أن يُقتلوا، وإن كانوا شربوها وهم يؤمنونَ أنَّها حرامٌ أن يُحدُّوا.
فسألهم فقالوا: والله ما شككنا في أنَّها حرامٌ، ولكنَّا قدرْنا أنَّ لنا نَجاةً فيما قلناهُ.
فجعل يَحدُّهم رجلاً رجلاً، وهم يخرجون حتَّى انتهى إلى أبِي محجن فلمَّا جلدهُ أنشأ يقولُ:

ألم ترَ أن الدهر يعثرُ بالفتَـى * ولا يستطيع المرء صرف المقادرِ
صبرت فلم أجزع ولم أك طائعا * لحادث دهر في الحكومة جائرِ
وإني لذو صبر وقد مات إخوتِي * ولست عن الصهباء يوما بصابرِ
رماها أميْرُ المؤمنين بِحتْـفها * فخلاَّنُها يبكونَ حَـول المعاصرِ

فلما سمعَ عمرُ قوله: (ولست عن الصهباء يوما بصابر) قال: قد أبديْتَ ما في نفسك ولأزيدنَّك عقوبةً لإصرارك على شرب الخمر.
فقال له علي: ما ذلك لك وما يجوز أن تعاقب رجلاً قال لأفعلنَّ وهو لم يفعل وقد قال الله في الشعراء
{وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ}.([5])
فقال عمر: قد استثنَى الله منهم قوماً فقال: { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}([6])
فقال علي:أفهؤلاءِ عندك منهمْ وقد قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يشربُ العبدُ الخمرَ حيْنَ يشربُها وهو مؤمنٌ) ([7])
وكان منهمكاً في شرب النبيذ، فحده عمر مراراً، ثم نفاه إلى جزيرة بالبحر، فهرب. ([8])
توبته عن الخمرة:
وأما توبته فكانت في موقعة القادسية، فقد لحق بسعد بن أبي وقاص وهو يُحارب الفرس، فكتب إليه عمر أن يحبسه، فحبسه سعد عنده.([9])
وذلك أنَّ أبا محجنٍ كانَ يؤتَى بهِ شارباً إلَى سعدٍ فيتهدده، فيقول له: لست تاركها إلا لله عز وجل فأما لقولك فلا قالوا.
فأُتِي به يوم القادسية وقد شرب الخمرَ، فأمر به إلى القيدِ، وكانت بسعد جراحةٌ فلم يَخرج يومئذٍ إلى الناس، فاستعمل على الخيل خالدَ بن عرفطة، فلمَّا التقى الناس قال أبو محجن:

كفى حزنًا أن تُرديَ الخيل بالقَـنا *** وأترك مشدودًا علىَّ وثـاقيا
إذا قمت عن نار الحديد وغُلِّقَـت *** مصاريع دوني قد تصمُّ المناديا
وقد كنت ذا مال كثيْرٍ وأخــوة *** فقد تركوني واحدًا لا أخَ ليا
فلله عهد لا أخـيْسُ بِـعَـهْـده *** لأن فرجت ألا أزورَ الحوانيا

فجاءت سلمى امرأةُ سعد وسمعته وطلبَ منها أن تخلِيَ سبيله فرفضتْ، ثّمَّ سمعت أبياته السابقة فقالت له سلمى: إنِّي استخرْتُ اللهَ ورضيْتُ بعهدكَ.
فأطلقته، ولمَّا طلبَ منها فرس سعدٍ واسمها البلقاءُ رفضتْ،فركبها أبو محجن وخرجَ يقاتلُ، ثُمَّ حمل على ميسرة القوم فلعب برمحه وسلاحه بين الصفيْن، ثم رجع من خلفِ المسلميْن إلى القلبِ،وكان يقصفُ الناس ليلتئذٍ قصفاً منكراً، فعجب الناس منه وهم لا يعرفونه ولم يروه بالأمس، وجعل سعدٌ يقول وهو مشرفٌ ينظر إليه: الطعنُ طعنُ أبي محجن والضبْرُ ضبْرُ البلقاء ولولا محبسُ أبي محجنٍ لقلت هذا أبو محجن وهذه البلقاء.
فلم يزل يقاتل أبو محجنٍ يقاتلُ حتَّى انتصف الليل فتحاجز أهل العسكرين، وأقبل أبو محجن حتَّى دخل القصر ووضع عن نفسه ودابته وأعاد رجليه في القيد وأنشأ يقول:

لقد علمتْ ثقيفٌ غيْـر فخرٍ * بأنا نحن أكرمهم سيــوفا
وأكثرهم دروعاً سابغـاتٍ * وأصبَرهم إذا كرهوا الوقوفا
وأنَّا رفْـدُهم في كلِّ يَـومٍ * فإنْ جحدوا فسلْ بِهم عريفا
وليلة قادسٍ لم يشـعروا بِي * ولَمْ أكرهِ بِمخرجي الزحوفا
فإنْ أُحبَسْ فقد عرفوا بلائي * وإنْ أُطلَـقْ أجرعهم حُتوفا

فقالت له سلمى: يا أبا محجن في أيِّ شيءٍ حبسك هذا الرجلُ؟ تريد زوجها سعداً.
فقال: أما واللهِ ما حبسنِي بِحرامٍ أكلته ولا شربته، ولكنِّي كنت صاحبَ شرابٍ في الجاهلية، وأنا امرؤٌ شاعرٌ يدبُّ الشعر على لسانِي فينفثه أحيانا فحبسني لأني قلت:

إذا متُّ فادفنِّي إلى أصل كرمةٍ * تروِّي عظامي بعد موتِي عروقُها
ولا تدفننِّي فِي الفَـلاة فإننِّي * أخَـافُ إذا ما متُّ ألاَّ أذوقُها
ليُروى بِخمر الحصِّ لحمِي فإنَّنِي * أسيْرٌ لَهَا منْ بعدِ ما قدْ أسوقُها

فأخبَرت سعداً بِخبَره فقال سعدٌ: أما واللهِ لا أضرب اليومَ رجلا أبلى الله المسلميْن على يده ما أبلاهم. فخلَّى سبيله، فقال أبو محجن: قد كنت أشربُها إذ كان الحدُّ يُقام عليَّ وأطهرُ منها فأما إذْ بَهرجتنِي فلا واللهِ لا أشربُها أبداً.
ومن طريفِ ما يُروى أنَّهُ لما انصرف أبو محجن ليعود إلى محبسه رأته امرأة فظنته منهزماً فأنشأت تعيِّره بفراره

مَن فْارسٌ كرهَ الطعانَ يعيرنِي * رمحاً إذا نزلوا بِمزج الصفرِ
فقال لها أبو محجن:

إنَّ الكرامَ على الجياد مبيتُهم * فدعي الرماحَ لأهلها وتعطري ([10])
موته:
ولا ندري شيئاً عن أبي محجن بعد القادسية، فلعله سار مع الجيش الفاتح حتى "مات بأرمينية" أو "في نواحي أذربيجان" أو "في نواحي جرجان"،وذلكَ سنة 30ه/ 650م ([11])
وفي الأغاني أنَّهُ أخبْرهُ من مر بقبْرِ أبي محجن الثقفي في نواحي أذربيجان أو في نواحي جرجان، فرأى قبره وقد نبتت عليه ثلاثة أصول كرمٍ قد طالت وأثْمرتْ وهي معروشةٌ وعلى قبره مكتوبٌ (هذا قبْر أبي محجن الثقفي) فوقفت طويلا أتعجب مما اتفق له حتى صار كأمنية بلغها حيث يقول:

إذا متُّ فادفنِّي إلى أصل كرمةٍ * تروِّي عظامي بعد موتِي عروقُها ([12])

-----------------------------------------------------------

([1])الأغاني، أبو الفرج الأصبهاني، تحقيق علي مهنا وسمير جابر، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1986م، ج19/11.

([2])الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملاييْن، بيروت، لبنان، ط15، 2002م ج5/75، وخبره كذلك في (معجم تراجم الشعراء الكبير)، د.يَحيَى مراد، دار الحديث، القاهرة، مصر1427هـ-2006م/59.

([3])طبقات فحول الشعراء، ابن سلام الجمحي، تحقيق محمود محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، مصر، 1974م /268.

([4])سورة المائدة، الآية (93).

([5])سورة الشعراء، الآية (226).

([6])سورة الشعراء، الآية (227).

([7])الأغاني، أبو الفرج الأصبهاني، ج19/15-16.

([8])الأعلام، خير الدين الزركلي، ج5/75.

([9])نفسه، ج5/75-76.

([10])الأغاني، أبو الفرج الأصبهاني، ج19/8-12، بتصرفٍ يسيْرٍ.

([11])الأعلام، خير الدين الزركلي، ج5/76.

([12])الأغاني، أبو الفرج الأصبهاني، ج19/17.




--------------------------------------------------------------------------------------------------------------


الفصل الثانِي: الأغراض الشعرية عند أبي محجن الثقفي:

على الرغم من قلة القصائد التِي نظمها أبو محجن الثقفي، ولكننا نرى في شعره قوة اللفظ، وسلاسة العبارة، والأثر الإسلامي في شعره، فلم نعد نرى وعورة اللفظ الجاهلي المستمد من البيئة الصحراوية، ولا تلك الوقفات الطللية والقصائد المطولة التِي تطول مقدماتُها ووصف الأطلال وغيْر ذلك قبْل الغرض الرئيس، بل المقطعات السريعة التي تناسب حياة الشاعر والتي قضاها بيْن الخمر والفروسية والتوبة، ونرى كذلك قوة سبك العبارة الجاهلية في شعره، ومن هنا كان شعره من العلامات المميزة بيْن المخضرمين.
ولعل أشهر أغراضه الشعرية هي الخمرة والفخر والحكمة والغزل، وهي ما سنتناولُها بالتفصيل.
3 - الحكمة:
ربَّما ترددت أصداء الحكمة عند أبي محجنٍ الثقفي في توبته عن الخمرة، واستغفاره لربه عما بدر منه، وعهده لله تعالَى ألا يعود لها من جديدٍ بعدما فرغ منها، لذا يقول:


أتُـوبُ إِلى الله الرحـيْـم فإنَّـه * غـفورٌ لذنبِ المرءِ ما لم يُــعاودِ



ولستُ إِلى الصَّهباءِ ما عِشتُ عائداً * ولا تـابعاً قولَ السفــيهِ المُعاندِ



وكيفَ وقدْ أعطيْتُ ربِّي مَـواثِـقاً * أعودُ لها وذو العرشِ شــاهدي



سَـأتركُها مـذمومـةً لا أذوقُـها * وإن رغمت فيها أنوف حواسدي
([1])

فالحكمةُ من إقلاعه عن الخمرة قناعته بأنَّها ضارةٌ، وهو قد تاب إلى ربه الذي يغفر الذنوب ما لم يعدِ المرءُ إليها، ويردُّ على كل من سوَّلتْ له نفسه أنَّ يزيِّنَ له الخمرة بالسفاهةِ، ويقف موقف الخائف من نقض العهد مع ربِّهِ وهو الذي أدَّى له المواثيق والعهود، فالخمر ذميمةٌ ولا عودة لها في عرفه أبداً.
ومن جانبٍ آخر في حكمته، نرى رضاه بالقدر واستسلامه للمصيْر الذي يخطه له، ويبدي الصبر على المصائب التِي قد تنتابه، وهو من طباع الإسلام التي تغلغلتْ في نفسِهِ:


ألَم تَرَ أنّ الدهر يَعثُرُ بالفتَـى * ولا يستطيعُ المرءُ صَرفَ المقادِرِ



صَبَرتُ فلم أجزَع ولم أكُ طائعاً * لحادثِ دَهرٍ في الحكومةِ جائرِ([2])

فهو صبورٌ جَلْدٌ على ما يفعله الدهر، وليس هو الذي يَجزعُ لحوادث الزمانِ التِي غلبتْ عليهِ وجاءتْهُ غصباً عنه.
ولعل أبياتَهُ في التوبة وهو في السجن في معركة القادسية، من أعظم الأبيات الدالة على الندم والحسرة على ما فات، وخاصةً حين تغلي في عروقه روح الفروسية، والشوق للقتال والجهاد، ومن هنا يتذكر ما فرَّط في حقِّ نفسه، ويعاهد ربه بالتوبة في حال انفرجتْ وخرج من سجنه، فيقول:


كفى حزنًا أن تُرديَ الخيل بالقَـنا *** وأترك مشدودًا علىَّ وثـاقيا



إذا قمت عن نار الحديد وغُلِّقَـت *** مصاريع دوني قد تصمُّ المناديا



وقد كنت ذا مال كثيْرٍ وأخــوة *** فقد تركوني واحدًا لا أخَ ليا



فلله عهد لا أخـيْسُ بِـعَـهْـده *** لأن فرجت ألا أزورَ الحوانيا



هَلُـمَّ سـلاحِـي لا أبا لكَ إنَّنِي *** أرى الحربَ لا تزدادُ إِلا تماديا([3])

فالحكمةُ عند أبي محجنٍ مستمدةٌ من واقعه الذي يَحياهُ، ومن بطولته في ساحة القتال، ومن توبته عن معصية الخمر التِي كادتْ تتلف بدنه وروحه.

([1])نفسه / 16-17.

([2])نفسه /23.

([3])نفسه / 17.

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------

4 - غزله:
قليلةٌ هي غزليات أبِي محجن، فلا نرى قصيدةً له منتظمةً في هذا الفن سوى بضعة أبياتٍ، ولعلَّ ذلك عائدٌ لانشغاله بالخمرةِ قبل توبته، وبالفروسية والاستغفار بعد توبته، فمن ذلك غزليةٌ أو وصفٌ لمغنيةٍ ارتبطتْ بمجلس الخمرِ، فيقول وقد ثَمل بِها:

وقدْ تقومُ على رأسي مغنيةٌ * فيها إذا رفعتْ من الصوتِ غنجُ
تُرفعُ الصوتَ أحياناً وتُخفضهُ * كما يطنُّ ذباب الروضةِ الهزجُ([1])
شبَّه صوت الغناء بطنيْنِ الذبابِ، وهو تشبيهٌ ليس في محله وربَّما فيهِ نوعٌ من الضعفِ، ويمكن أن نحكم على هذه الصورة بالرداءةِ، وقد أعجب شارح الديوان تشـبيه طنيْن الذباب بالغناءِ كما فعل الشاعر عنْترة بن شداد. ([2])
ونراه يتعلق بابنة يهوديٍّ تُدعى سميةُ، ويبثها لواعجه:

تقولُ ابنةُ الحبْرِ اليهودِ ما أرى * أبا مـحجن إلا وللقلبِ ذاكرُ
فإنَّ ابنة الحبْر اليهوديِّ تيمتْ * فؤادي فهل لي من سمية زاجرُ؟([3])
فهي ترى في أبي محجن محباً متعلقاً بِها، وذلك أنَّها تعتقد قلبه ذاكراً لحبِّها، وهو يؤكد من أنَّ سميةَ قد ملكت شغاف قلبه وتيَّمتْ فؤاده.
وفي غزله عفة نفسٍ وبُعدٌ عن الفاحشةِ، فنـراهُ يصف مغامرةً مع امرأتيْنِ تعلقتا بِه:

تمنَّتْ أن ألقاهما كلاهما وتَمنتا * فلمَّـا التقينا استحيَـتا من مناهما
بكتْ هذه وانْهلَّ أدمع هـذه * وفاضتْ دموعي في عراض بكاهما
فهما سقتانِي السمَّ يوم تولـتا * جـزانِي إلهي عنهما وجـزاهما ([4])
فالمرأتانِ كلتاهما ترغبانِ في لقائهِ، ولكنَّ حياءهما منعهما من إبداء أمنية اللقاء بهِ حين اجتمع بِهما، وينقلب حال العاشقيْنَ إلَى بكاءٍ، فالأولى تبكي وتبكي الثانية لبكائِها، ويبكي بدوره على بكائِهما، بل يتعبَرُ لحظة فراقهما تشبه لحظة من تَجرَّع السمَّ وأوشك على الموتِ.
فغزل أبِي محجنٍ نوعٌ من الغزل الذي لا يبلغ حد التجربة الفنية المتكاملة، بقدر ما هو تعبيْرٌ عن حالاتٍ عرضيَّةٍ لَمْ يردِ الشاعرُ أنْ يَجعل منه حالةً قائِمةً بذاتِهِ.


([1])نفسه / 20.

([2])قال عنترة: ((وخلا الذبابُ فليسَ بنازحٍ * غَرِداً كفعلِ الشاربِ المترنِّمِ )) نفسه/ 20.

([3])نفسه / 23.

([4])نفسه / 23.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أبو محجن الثقفي - حياته وشعره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لكل شخص مر بلحظة يأس في حياته
» بعد ان انقذ التيس حياته.. اوصى بمنحه كامل ثروته!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى كلية الآداب في جامعة تشرين :: أقسام الاداب :: الادب العربي-
انتقل الى: