الجمهورية العربية السورية
جامعــة تشـريـن
كليــة : الآداب
قسم : التاريخ
[c
olor=red]
حلقة بحث بعنوان
محمد علي
[/color]مخطط البحث:
أولاً: مقدمة:
ثانياً: العرض : ويتضمن :
1. أوضاع الدولة العثمانية وعلاقتها مع محمد علي.
2. الأوضاع الدولية قبل الحملة.
3. أسباب احتلال بلاد الشام:
أ- أسباب بعيدة( غير مباشرة)
ب-أسباب قريبة (مباشرة)
4. سير الحملة
5. نتائج حملة ابراهيم باشا وموقف الدول الأوروبية منها.
6. نهاية حكم ابراهيم باشا لبلاد الشام ومؤتمر لندن.
ثالثاً:الخاتمة والرأي الشخصي.
رابعا:ً المصادر والمراجع المستخدمة.
• المقدمة :
قد عودتنا مسيرة التطور التاريخية لأي شعب من الشعوب على حدوث تغيرات وانقلابات جوهرية في مسيرتها لم تنفصل عن التغيرات في الظروف العالمية والدولية فها هي مصر التي عاشت قرابة (200) عام تحت الحكم المملوكي تنقلب نتيجة لبروز متغير دولي هو ( الدولة العثمانية ) إلى حكم عثماني لتدخل في مرحلة جديدة رسمت مصيرها حتى وقتنا الحاضر وقد لعبت الأقدار دورها في وصول شخصية عملاقة إلى قلب هذه اللعبة السياسية لتغير مجرى الأحداث وتلعب دور أساسي ومركزي أثر في تاريخ المنطقة ألا وهو محمد علي الذي وصل على رأس الفرقة الألبانية التي أرسلتها السلطنة العثمانية لمحاربة الحملة الفرنسية التي وصلت إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت ومن هنا استطاع محمد علي بحنكته السياسية الوصول إلى السلطة وتمهيد الأوضاع الداخلية في مصر ليؤسس دولته ويمهد للتوسع وتحقيق حلمه بتكوين إمبراطورية تمتد من بلاد الشام شمالاً إلى شبه الجزيرة العربية والسودان جنوباً ومن الخليج شرقاً إلى الحدود الليبية غرباً
• أوضاع الدولة العثمانية وعلاقتها مع محمد علي:
كما نعلم أن بلاد الشام كانت ترزح تحت الأحتلال العثماني منذ عام 1516 م بعد معركة مرج دابق وأنهم قسموا الشام إلى خمسة ولايات وطبقوا فيها نوعين من لإدارة فكانت المباشرة في مراكذ الولايات وغير مباشر خارج المراكز وكانت تدار من قبل الزعماء الإقطاعيين أو البدو وخلال سنوات 1814 - 1831 م حكمت بلاد الشام من قبل البشوات العثمانيين حكمو ولايات دمشق وطرابلس وعكا وبقي جبل البنان تحت حكم المير الإقطاعي بشير الشهابي وقد طبق هنذا الزعيم سياسات ظالمة زادت معاناة الشعب والفلاحين وزادت في فقر السكان ونقمتهم على الحكم العثماني اضافة إلى هذه الأحوال الداخلية المضطربة التي عانت منها الدولة العثمانية خاصة بعد انحدار قوة انكشارية التي كانت سنداً للسلاطين العثمانيين وأصبحت الأن ضدهم نتيجة مذبحة لهم 1826م (1) فقد كانت تعاني من بعض الأزمات الخارجية مثل حروبها مع اليونان وروسيا ومع الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية كل هذه الأسباب أدت إلى ضرب الدولة العثمانية في وقت ازدهار قوة عظيمة في مصر بقيادة محمد علي الذي كان يحمل أهداف عربية وقومية في توحيد بلاد العرب هذه القوه كانت مصدر قلق لدى السلطان العثماني فحاول إضعافها أو القضاء عليها من خلال ضربها بالثورات المناوئة سواء مع اللوهابيين او في اليونان التي كانت نتيجتها تحطم الأسطول المصري في معكة نفارين 1827م كان محمد عي حذر من نوايا السلطان العثماني ولبى طلبه في اليونان أملا في ان يعطيه ولايه عكا كمكافئة لجهوده ولكن عندما لم يفي السلطان بوعده اعاد النظر في سياسته ورفض تقديم أي مساعدة له في حربه مع روسيا 1827 م وتوقع نشوب حرب من قبل السلطان ضده في اي وقتت سمح له ذلك ولا بد أن نذكر أن محمد علي كاان يتطلع لاحتلال بلاد الشام منذ عام 1811 م ولبى كل الخدمات المذكورة على امل الحصول على هذه البلاد وتمكن خلال حروبه مع الدولة العثمانية من كشف مكامن الضعف فيها وهذا الأمر الذي شجعه على منافستها عسكرياً من خلال الجيش الذي بناه خلال سنوات حكمه الطويلة (2) .
• الأوضاع الدولية قبل الحملة:
لابد من ذكر مواقف الدول الأوروبية من قوة محمد علي الناشئة وحملته على بلاد الشام ونحن نعلم أن الدول الأوروبية منذ نشأتها وهي تقف في وجه اي قوة عربية تحمل اهداف قومية عربية هادفه من ذلك إبقاء المنطقة العربية لقمة سائغة بين يديها ولكن لحسن حظ محمد علي في تلك الفترة أن هذه الدول خلال سنوات 1830-1833 م مانت تعاني من ازمات داخليه منعتها من منع محمد علي في الوصول إلى بلاد الشام فأنكلترة كانت مغلولة اليدين من جراء الإضطرابات التي قامت ضدها من اجل قانون الإصلاح وروسيا مشغولة أيضاً في إخضاع ثورة بولندة والنمسا تحارب الثورة البولونية إضافة إلى الثورات المشتعلة في بلجيكا واسبانية والبرتغال (3) , أما فرنسا كانت الوحيدة المتفاهمة مع محمد علي فعرضت عليه ارسال جيش مصري فرنسي الى الجزائر بهدف احتلالها لكنه رفض لأن طموحه متوجه إلى بلاد الشام فاعتبرت فرنسة أن أي نصر لمحمد علي هو نصر لها أما محمد علي فقد فسر حملته إلى بلاد الشام على أنه إحياء للقومية العربية في وجه الطغيان والأستبداد التركي وقاد الحملة ابراهيم باشا واعتبر نفسه أنه مدافع عن العروبة والأسلام وأن هدفه هو توحيد البلاد العربية تحت راية الإسلام ونشر الحضارة الإسلامية .
• الأسباب القريبة والبعيدة لأحتلال بلاد الشام :
• الأسباب البعيدة (غير المباشرة):
هناك الكثير من الآراء التي تفسر احتلال بلاد الشام من قبل محمد علي ولا بد أن نعرج ولو ببضع كلمات على كل رأي , فبعض المؤريخين أمثال كرد علي أعاد أسباب الحملة على انها رغبة من من محمد علي بالتوسع بالملك ولأنها أي الشام مفتاح كل فتح وبعضهم الأخر ركز على الأهداف المادية التي تطلع محمد علي لأكتسابها من بلاد الشام مثل حصوله على الخشب والحرير والقطن والزيتون والتبغ (4) التي كانت تمتص كثير من النقد المصري في حين ركز البعض الأخر على الأهداف المنية من حيث أن سوريا لإضل موقع استراتيجي يحمي امبراطوريتم من الشمال وبعضهم وجد أن احتلال بلاد الشام من أهداف محمد علي التي يمكن تلخيصها في أنه يسعى إلى اقامة دولة عربية واحدة اسلامية في إطار الوطن العربي ومنهم من أعاد السبب لأبراهيم باشا ابنه الذي عرف بحبه للعرب والعروبة على انه أنكر أصله التركي عندما كان يطعن بالأتراك عندما سأله أحدهم كيف تطعن بالتراك وأنت منهم فأجابهم أنا لست تركياً لقد جئت إلى مصر صبياً فمصرتني شمسها (5) , ومنهم من أرجعها إلى إيحائات كانت تأتيه من الدول الأوروبية وخاصة فرنسا التي كانت ترغب في ذلك لتقوية نفوزها في البقاع العربية على حساب بقية الدول الأوروبية وخصوصا ً انكلترة وفي النهاية نستطيع القول بأن كل ما سبق ذكره من أرائ متناقضة للمؤرخين يشكل أسباب بعيدة لأحتلال محمد علي لبلاد الشام .
• الأسباب القريبة والمعلنة ( المباشرة ):
كان هناك عدد من الأسباب القريبة التي دفعت محمد علي لأحتلال بلاد الشام فهي لم تكن قريبة على قدر ما كانت مختلقة ضد الباب العالي ومسوغ للقيام بالحملة ومحمد علي الذي كان يرغب باحتلال بلاد الشام قدم الكثير من الخدمات للسلطان مقابل منحه اياها كهدية ومكافئة له على جهودهلكن السلطان العثماني كان يماطل لسببين رئيسيين الول خوفه من تصاعد قوه محمد علي والسبب الثاني هو الأهمية الأستراتيجية لبلاد الشام تجارياً وكونها طريق رئيسي للحج , ممى ادى إلى توتر العلاقات بين محمد علي والسلطان العثماني وأعلن عصيانه السافر ضده من خلال رفض ما ترتب عليه من دفع التعويضات الناجمه عن حرب الروسية , أما الزريعة والشرارة المباشرة التي ادت إلى الحملة هي خلافات محمد علي مع الوالي عبد الله باشا (( والي عكا)) بسبب الستة ألالف فلاح مصري الهاربين من الجندية والذي رفض عبد الله باشا تسليمهم لمحمد علي إضافة إلى رفض عبد الله باشا امداد محمد علي بالأخشاب والمعادن اللازمة لعادة بناء اسطوله الذي تحطم في معركة نفارين (6) , وإضراره بالتجارة المصرية وتحريض البدو في صحراء سيناء, فطلب من والي عكا ارجاع الفلاحين الهاربين بالقوة فبرفض مفسراً رفضه أن الفلاحين هم رعايا السلطان ومن حقهم العيش أينما أرادو ضمن حدود المبراطورية عندئذ بدء محمد علي عملياته الحربية وأعلن في بدايه حربه أنها ضد\ والي عكا وليس ضد الباب العالي لكن الحمله بدأت ضد والي عكا واستمرت ضد الدوله العثمانيه حسب ما اراد محمد علي من السيطرة على بلاد الشام ومقدراتها.
• سير الحملة :
بدأت الحملة براً وبحراً في 29 تشرين الأول سنة 1831 م واقتحمت قوة من 11 ألف رجل من سيناء إلى غزة (7) ، وخلال أسبوعين تمكن من احتلال غزة ويافا وحيفا لكن ابراهيم باشا قائد الحملة لم يصحبها لكن سافر مباشرة مع الأسطول من الإسكندرية إلى حيفة حيث اجتمع بقواته هناك وتمكن المصريون من الوصول إلى حيفة دون مفاومة تذكر لأن معظم هذه المناطق كانت مدمرة وتعاني من الإضطرابات وخاصة بعد خروج نابليوم منها وإنما اصطدم الجيش المصري بالمقاومة العثمانية حول أسوار عكا وحاصرها ابراهيم باشا بمساعدة الضابط الفرنسي سيف الذي عرف بسليمان باشا الفرنساوي بجيش قوامه 30 ألف رجل وتمكنو من فتحها بعد حصار دام ستة أشهر ومن 26 تشرين الثاني 1831 إلى 27 أيار 1832 م (8) ، ولم يعطل إبراهيم باشا نشاطه في حصار عكا بل احتل وهو يحاصرها المناطق المجاورة حتى صيدا و أرسل قوة إلى القدس لأعلان سلطته فيها , في هذه الأثناء اعلن ابراهيم باشا برفع الضرائب الإضافية التي كانت تفرض تعسفيا على غير المسلمين في القدس وغيرها مما اكسبه تأييد المسيحيين ودعمهم العسكري في جبل لبنان واذداد بذلك تأييد بشير الشهابي لأن غالبيه قواته من المسيحيين وأرسل ابراهيم باشا طالباً من الأمير بشير في أن ينضم اليه في حصار عكا طبعا لم تكن الرسالة الأولى بل كان قد أرسل محمد علي رساله اليه يتهدده فيها بأنه إذا بقي ينتظر نتيجة حصار عكا_ كما فعل اثناء حصار نابليون لها ليحدد موقفه ويقف مع المنتصر_ فإن محبته له ستتغير فأرسل قوة رمزيه إلى عكا مما جعل محمد علي يثني علبه ويثبته في جبل لبنان وبعد عكا توجه ابراهيم باشا إلى دمشق ودخلها دون مقاومة وبقي فيه 17 يوم وكان الأسطول المصري قد استولى على السواحل المصرية ومنها بيروت وطرابلس واللاذقية وتوجهت القوات المصرية الرئيسية بقيادة ابراهيم باشا وبرفقة اللأمير بشير الشهابي الى حمص لتصطدم بقوات الأتراك العثمانيين بمعركة كبيرة دحر الأتراك من خلالها وانتصر ابراهيم باشا واستولى بعدها على حماه وحلب (9) ، واتجه نحو مضيق بيلان الجبلي وتمكن ابراهيم باشا من هزيمة القوات التركية بقيادة السردار الأعظم حسين باشا في موقعة بيلان 29 تموز 1832 م (10) وهرب حسين باشا مع بقية قواته إلى اضنة تاركاً سوريا في أيدي المصريين فطاردته قوات ابراهيم باشا وسيطرت على أضنة وأورفة وعين تاب ومرعش وقيصرية , حاول السلطان العثماني إعادة تشكيل جيشه ومواجه القوات المصرية فصطدم الجيشان في معركة قونيا وكان تعداد الجيش العثماني 60 ألف بقيادة رشيد باشا بينما كان تعداد جيش ابراهيم باشا 30 ألف وانتهت هذه المعركة بانتصار ابراهيم باشا الذي أصبح الطريق أمامه مفتوح للقسطنطينية وتابع تقدمه حتى وصل إلى كوتاهيا التي تبعد خمسين كيلو متر عن العاصمة العثمانيه .
* نتائج حمله ابراهيم باشا وموقف الدول الأوروبيه منها :
كان من أهم نتائج حملة ابراهيم باشا إلى بلاد الشام هوقيام دوله عربية قوية ممتدة من أضنة شمالاً إلى أطراف شبه الجزيرة العربية والسودان جنوباً ومن الخليج العربي شرقاً إلى حدود ليبيا غربا والمتطلعة غلى توحيد الوطن العربي هذه الدولة التي أدت إلى توثيق العلاقات الشامية المصرية وفيما يلي من مواقف الدول الوروبية نرى مدى التأمر الأوروبي في وجه القومية العربي , هذه الدولة العربية كانت كابوساً في احلام الدول الأستعمارية من انكلترة إلى روسيا حتى فرنسا إضافة إلى الدولة العثمانية التي اعتبرت بلاد الشام جزئ من اراضيها التي لا يجوز التفريط بها ومن واجبها القضاء أو الحد من نفوزها خاصة بعد أن هددنت عاصمتها , ولكن كيف يمكن لها ان تقف في وجه هذه القوة العظمى ولم تعد تملك القوة اللازمة لذلك ؟
ما قامت به الدولة العثمانية هي أنها استعانت بعدو الأمس ألا وهي روسيا التي قامت بأرسال قواتها إلى المضائق العثمانية ألا وهي البوسفور والدردنيل ونزلت القوات الروسية في وادي يدعى هنكار اسكلة (11) ، سي لكن فرنسا وانكلترة لم يرضيا بهذه السياسة فماذا فعلا ؟
فرنسا والتي تحظى بصداقة محمد علي وليس بصالحها دخول روسيا إلى جانب الدوال العثمانية لذلك عملت بالضغط مع انكلترة على محمد علي لعقد اتفاقية مع الدولة العثمانية بهدف افشال المخطط الروسي وكذلك فعلت مع الباب العالي لرفض المساعدة العسكرية الروسية وهددت بقطع العلاقات معها فكانت ثمرة جهود انكلترة وفرنسا توقيع معاهدة كوتاهية في 14 أيار 1833م في مقر قيادة ابراهيم باشا التي وضعت حداً بين السلطان العثماني ومحمد على حصل بموجبها الأخير على حكم مصر والجزيرة العربية وابنه ابراهيم باشا على بلاد الشام وأضنة وكان على محمد علي الأنسحاب من الأناضول والأعتراف بسيادة السلطان العثماني واطمأن بذلك خاطر فرنسا وانكلترة (12) ، من جهة روسية لكن الدبلوماسية القيصرية لم تكن راضيه عن هذه المعاهدة اذ لم تسمح لها بالتدخل بالشكل الكافي بالسياسة العثمانية فعمدت إلى عقد اتفاقية هجومية دفاعية قبل أن يبرح الأسطول الروسي من الأراضي العثمانية سميت هذه الأتفاقية بأسم هنكار أسكلة سي عام 1933 م وبمقتضاها اخذت كل من الدولتين عهداً بتبادل المساعدة في حال الأعتداء على أحدهما وتتضمن هذه المعاهدة ملحقاً سرياً أعفى الباب العالي من أي التزام أخر مقابل وعده بأغلاق البوسفور والدردنيل إذا اقتضت الحاجة بوجه جميع الدول عدا روسيا (13) , وفي أيلول عام 1833 م عقدت اتفاقية مونخن كراتز كملحق للمعاهدة السابقة بين روسيا والنمسا تنص على حماية الدولة العثمانية من أي خطر أو اعتداء خارجي ومنع محمد علي من التوسع والأنتشار على حساب الدولة العثمانية لكن السياسة الفرنسية والأنكليزية نجحت في أفشال النتائج الفعلية لكلى المعاهدتين السابقتي الذكر وحالت دون نجاح المخططات الروسية داخل الدولة العثمانية (14).
• نهاية حكم ابراهيم باشا لبلاد الشام ومؤتمر لندن :
لم يرضى السلطان العثماني محمود الثاني عن معاهدة كوتاهية بشكل كامل وبنفس الوقت لم يكن يملك القوات الكافية لأستعادة الأراضي المسلوبة وخاصة في بلاد الشام ولذلك اتبع اسلوب عامل عدوك بالحسنة حتى تتمكن منه وفي عام 1838 م بدأ السلطان العثماني بالتحضير وبتحريض من بريطانيا لعادة احتلال بلاد الشام والقضاء على حكم محمد علي فيها مستغل ظهور بعض المشاكل والأضطرابات الداخلية في سورية والتي كانت انكلترة المحرض الساس لها فجهز السلطات العثماني جيشه بقيادة حافظ باشا وأعلن الحرب ضد محمد علي وعبرت جيوشه الحدود التركية والتقى بقوات ابراهيم باشا في موقع نزيب قرب عين تاب كانت نتيجتها انهزام الترك وانتصار ابراهيم باشا الذي استقر في مرعش اما بشأن الأسطول العثماني الذي خرج من الدردنيل في 22 حزيران 1839 م بقيادة قبودان باشا في وقت كان الأسطول الفرنسي يجوب البحر فدخل قبودان باشا في محادثات سرية مع الأمرال الفرنسي وأبحر إلى الأسكندرية وسلم الأسطول إلى محمد علي (15) , في هذه الأثناء توفي محمود الثاني قبل سماعه خبر الهزيمة وصعد عتبد المجيد إلى عرش السلطنة ووجدت الدول الوروبية أن محمد علي قادر على احتلال اسطنبول والقضاء على العثمانيين وبناء دولته القوية التي بناها على حطام المارد العثماني يدعمه في ذلك جيش قوي بلغ تعداده 275 ألف جندي وأسطول بحري ضخم فأخذت الدبلوماسية الروسية تحول دون حدوث ذلك تساعدها بريطانيا وبروسيا والنمسا الذين عملو على ارسال مذكرة إلى الباب العالي في 27 تموز 1839 م تطلب فيه ألا يقوم بعقد أي اتفاق أو اجراء أي مفاوضات مع ابراهيم باشا دون الرجوع اليها وعملت بريطانيا جاهدة لأثارة الفتن وخاصة في لبنان ضد ابراهيم باشا لتلهيه عن التقدم إلى استانبول , في الحقيقة لمتكن فرنسا راضية عن هذا التصعيد الدولي وأعلنت وقوفها إلى جانب محمد علي وسعت إلى إعطائه الحكم الوراثي في مصر وبلاد الشام وأضنة وكريت وشبه الجزيرة العربية مدى الحياة في حين وقفت بقية الدول الأوروبيثة في صف انكلترة إلى جانب الدولة العثمانية التي لم تعد تشعر أنها ضعيفة بعد انضمام هذه الدول إليها , أعلنت فرنسا بوزارتها الجديدة بقيادة تيير الوقوف إلى جانب محمد علي ولو ادى الأمر إلى الحرب لكن بالمرستون وزير الخارجية البريطاني كان اكيد بأن اضطراب اوضاع فرنسا لا يسمح لها بالقيام بحرب خارجية لا ناقة لها بها ولا جمل فقد تجاهل رغبة فرنسا وعمل في مؤتمر لندن عام 1840 م على توقيع كل من بريطانية بقيادته والدولة العثمانية وروسيا وبروسيا والنمسا على معاهدة لندن عام تعهدت بها بمساعدة السلطان على اخراج محمد علي من سوريا واتفقت على ان تعرض عليه حكم مصر وراثياً وعكا مدى الحياة وإذا لم يقبل خلال عشر أيام تصبح له ولايه مصر وراثية دون عكا وإذا رفض خلال عشر أيام أخرى فأن السلطان مع الدول المتحالفة ستتخذ ما تراه مناسب فرفض محمد علي مذكرة الدول السابقة معتمداً على قوته أولاً وعلى مساعدة فرنسا ثانياً , لكن الدول المتحالفه كانت مصممه على القضاء على دولة محمد علي وقوته العسكرية وانتزاع بلاد الشام منه ونزلت قواتها على السواحل الشامية وتحديداً في بيروت وبدأت الدخول والأحتلال في بلاد الشام فسيطرت على جبيل وصور وطرابلس وعكا في حين أن ابراهيم باشا انسحب الى دمشق ومنها إلى مصر وذلك لوصول الأسطول البريطاني إلى الأسكندرية , فقد كان هدف الدول العظمى اضعاف قوة محمد علي دون القضاء عليه ليبقى مهدداً للسلطان العثماني وفي 4 أيار سنة 1841 م أصدر السلطان العثماني بالأتفاق مع الدول العظمى فرماناً نص على ما يلي :
1. اعطاء محمد علي حق الحكم الوراثي في مصر والسودان وحق الوراثة لأكبر أبنائه سناً.
2. خفض القوات المصرية إلى 18 ألف جندي توضع بخدمة السلطان العثماني
3. منع مصر من بناء السفن الحربية إلا بموافقة السلطان العثماني
4. تؤدي مصر ضؤيبة سنوية للباب العالي
5. لا يباح لمصر عقد أي معاهدة تجارية إلا بموافقة السلطنة العثمانية (16).
وبخروج محمد علي وابنه ابراهيم باشا من بلاد الشام تكون قد تبددت أحلامهم في توحيد بلاد العرب بدولة واحدة تحت شعار الإسلام والعروبة.
الخاتمة
وهكذا نرى بأن محمد علي استطاع بحنكته السياسية وبإدارته الكبيرة أن ينقل مصر إلى مرحلة جديدة أنتجت دولة قوية عصرية على كافة الأصعدة كان لها تأثير وثقة في الموازين الدولية والاقليمة وكان للجيش
الذي أسسه محمد علي دور كبير في تدعيم دولته حيث أسسه ونظمه على ع8لى النظام الأوروبي فاستطاع به كسر الإرادة العثمانية وهزيمة العثمانيين بجدارة لكن كان لبعض الأخطاء التي ارتكبها على الصعيد الداخلي إضافة لميل كفة الموازين الدولية لغير مصلحته أثر كبير في تحطم حلمه بتأسيس دولة عربية إسلامية تمتد على كافة أنحاء الوطن العربي .
الهوامش :
1 ـ عبد المنعم شعيب ، د. علي : المختصر في تاريخ مصر منذ أقدم العصور حتى الاحتلال البريطاني ط1 ، دار ابن زيدون للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت البنان (ص 333) .
2 ـ أبو جبل كاميليا ، محمد نجاح ، تاريخ الوطن العربي الحديث ( بلاد الشام والعراق) ، منشورات جامعة دمشق 2005 /2006 (ص 342).
3 ـ عبد المنعم شعيب ، د . علي المختصر في تاريخ مصر ( ص 334) .
4 ـ رافق ، د. عبد الكريم العرب والعثمانيون 1516-1916ط2, دمشق 1993 (ص 402) .
5 ـ أبو جبل كاميليا ، محمد نجاح ن تاريخ الوطن العربي الحديث (ص340) .
6 ـ لوتسكي تاريخ الأقطار العربية الحديثة دار التقدم ، أكاديمية العلوم في الاتحاد السوفيتي ، (ص 125) .
7 ـ رافق ، د. عبد الكريم ، العرب والعثمانيون ، (ص 404) .
8 ـ جيرارد ديجورج ، دمشق من الإمبراطورية العثمانية حتى الوقت الحاضر ، الترجمة محمد رفعت العواد ، المجلس الأعلى للثقافة 2004 ، (ص 113) .
9 ـ لوتسكي ، تاريخ الأقطار العربية الحديث (ص 127) .
10 ـ حسام الدين إسماعيل ، د. محمد مدينة القاهرة من ولاية محمد علي إلى الخديوي إسماعيل ط1 ، دار الأفاق العربية ، (ص 90) .
11 ـ نعيسة ،د. يوسف ، حبيب صالح محمد ، تاريخ العرب الحديث والمعاصر ( مصر والسودان ) منشورات جامعة دمشق 1999/2000 ، (ص 222) .
12 ـ عبد المنعم شعيب المختصر في تاريخ مصر ، (ص 335) .
13 ـ كارل بروكلمان ، تاريخ الشعوب الإسلامية ترجمة أمين فارس ، منير البعلبكي ، دار العلم للملايين ، (ص 548).
14 ـ لوتسكي تاريخ الأقطار العربية الحديث ، (ص 130)
15 ـ نعيسه د. يوسف تاريخ العرب الحديث والمعاصر مصر والسودان ، (ص 233 ).
16 ـ أبو جبل كاميليا ، محمد نجاح ، تاريخ الوطن العربي الحديث ، بلاد الشام والعراق ، (ص 366) .
المصادر والمراجع المستخدمة :
1 ـ جيرارد ديجورج دمشق من الإمبراطورية العثمانية حتى الوقت الحاضر ، الترجمة محمد رفعت العواد ، المجلس الأعلى للثقافة 2004 .
2 ـ عبد الكريم رافق ، العرب والعثمانيون 1516-1916ط2, دمشق 1993.
3 ـ علي عبد المنعم شعيب ، المختصر في تاريخ مصر منذ أقدم العصور حتى الاحتلال البريطاني ط1 ، دار ابن زيدون للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت البنان .
4 ـ لوتسكي ، تاريخ الأقطار العربية الحديثة دار التقدم ، أكاديمية العلوم في الاتحاد السوفيتي.
5 ـ كارل بروكلمان ، تاريخ الشعوب الإسلامية ترجمة أمين فارس ، منير البعلبكي ، دار العلم للملايين .
6 ـ كاميليا أبو جبل ,نجاح محمد، تاريخ الوطن العربي الحديث ( بلاد الشام والعراق) ، منشورات جامعة دمشق 2005 /2006 .
7 ـ محمد حسام الدين إسماعيل ، مدينة القاهرة من ولاية محمد علي إلى الخديوي إسماعيل ط1 ، دار الأفاق العربية .
8 ـ يوسف نعيسه ، محمد حبيب صالح ، تاريخ العرب الحديث والمعاصر ( مصر والسودان ) منشورات جامعة دمشق 1999/2000 .