مكتبة منيرفا (حلقة بحث بعنوان الوزارة)

{مخطط حلقة البحث}
1) المقدمة :
2) العرض ويتضمن :
أ‌- لفصل الأول :
1. معنى الوزارة وتاريخها .
2. أنواع الوزارة في الدولة العربية الإسلامية .
3. مهام الوزراء .
4. شخصية الوزراء وعلاقتهم بالخلفاء .
5. لباس الوزراء .
ب- الفصل الثاني :
1. الوزارة في العصرين الرشيد والأموي.
2. الوزارة في العصر العباسي الأول .
3. لوزارة في العصر العباسي الثاني .
4. الوزارة في عصر سيطرة البويهيين .
5. الوزارة في عهد الفاطميين في مصر .
6. الوزارة في عصر السيطرة السلجوقية .
7. الوزارة في عصر الدولة الأموية في الأندلس .
8. الوزارة في عصر المرابطين والموحدين .
9. الوزارة في عصر المماليك في مصر والشام .
3) الخاتمة :
المقدمة :
تنبه العرب المسلمين إلى أهمية الإدارة في حياة الأمة وأيقنوا أن الإدارة الناجحة هي السبيل إلى تقدم الأمة وصلاحها وأن الإدارة الفاسدة هي السبيل إلى خراب وتدمير وسقوط الأمة وقد نجح العرب المسلمين في تجسيد مفهوم أهمية الإدارة في حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
فالنجاحات التي واكبت هذه الدول كانت نتيجة حتمية لإدارة قادرة وقد حاول الحكام المسلمين استنادا نتيجة حتمية لإدارة قادرة وقد حاول الحكام المسلمين استنادا إلى ذلك أن يختاروا لإدارة دولتهم أكفأ العناصر ومع ذلك فقد واكبهم الفشل كما واكبهم النجاح .
ومن أهم المناصب الإدارية : الخلافة ، الوزارة ، إدارة الولايات ، القضاء ، وما شابه ذلك .
وقد حاولت في هذا البحث أن أتحدث عن أحد هذه المناصب وهوا لوزارة وقد حرصت في هذه الدراسة على الاختصار قدر الإمكان وذلك لان دراسة منصب الوزاومتوفرة.ام وخروج عن الموضوع وهوا لإنجازات الحضارية التي قدمها العرب في هذا المجال .
أما بالنسبة لمسألة الصعوبات التي واجهتها في هذا البحث فهي قليلة جداً وذلك لأن المراجع والمصادر التي تتحدث عن الفترة الإسلامية كانت كثيرة ومتوفرة .







العرض :
أ- الفصل الأول :
1- معنى الوزارة وتاريخها :
إن أسم الوزارة مختلف في اشتقاقه فهو إما أن يكون مأخوذاً من الِوزر وهوا لثقل فكان الوزير يحمل أعباء الحكومة عن الخليفة ويساعده في إدارة شؤونها ، أوان يكون مشتقاً من الوزر ومنه قوله تعالى { كلا لا وزر } أي لا ملجأ فسمي الرجل الذي تعهد إليه الوزارة وزيراً لأن الخليفة أو الأمر يلجأ إلى رأي ومعونته أو أن يكون مشتقاً من الأزر وهو الظهر لان الملك يقوى بوزيره كقوة البدن بالظهر كما في قوله تعالى في سورة طه عند ما طلب إليه موسى أن يمده برجل من ذويه يستعين به على القيام بأعباء الحكم { واجعل لي وزيراً من أهلي ۝ هارون أخي ۝ أشدد به أزري ۝ وأشركه في أمري ۝ } . (1)
وأخيرا ًربما تكون كلمة الوزارة مأخوذة من المؤازرة وهي المعاونة وعلى كل حال فإن كلمة الوزارة ترمز إلى المساعدة في الإدارة وتحمل أعباء الحكم وليست هذه الوظيفة من محدثات المسلمين وإنما عرفت عند بني إسرائيل وعند دولة آل ساسان الفارسية وربما عند دول أخرى ولقد عرفها العرب قبل العصر العباسي إلا إنها لم تصبح منصباً رسميا إلا في عهد بني العباس .(2)


(1)- سورة طه : الآية 29 – 30 – 31- 32 .
(2)- أبن خلدون ( عبد الرحمن ) : مقدمة أبن خلدون ( وهي مقدمة الكتاب المسمى كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط1 ، 1993 م ، ص 185 – 186 .

2- أنواع الوزارة في الدولة العربية الإسلامية :
والوزارة على نوعين : وزارة تفويض ووزارة تنفيذ وذلك حسب المهمة الملقاة على عاتق الوزير وثقة الخليفة به
آ- وزارة التفويض : عرفها الماوردي بقوله (فأما وزارة التفويض فهو أن يستوزر الإمام من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضاءها على اجتهاده....الخ) .
وأن ما ذكر في شروط الخلافة ينطبق على هذه الوزارة الاّ قضية النسب وحده أي انه لا يشترط في وزارة التفويض أن يكون من يتولاها قرشياً .
وكل ما يصح أن يقوم به الخليفة من الأعمال الإدارية والسياسية والحربية يصح أن يقوم به هذا الوزير المفوض الاَّ بعض الأمور وأهمها انه لا يحق لوزير التفويض أن يعزل من عينه الخليفة كما لا يحق له أن يعين ولي عهد من بعده .
ب- وزارة التنفيذ : لم يكن وزير التنفيذ ليتمتع بمثل تلك السلطة التي كانت لوزير التفويض إذ أن وزارة التنفيذ مقصورة على تنفيذ أوامر الخليفة ونواهيه فكأن صاحبها واسطة بين الخليفة ورعيته فيقدم إلى الخليفة الرسائل التي وردت ويعرض علية الأحداث التي وقعت كما يوقع ما يأمره الخليفة بتوقيعه من أوامر تعيين الولاة وحشد الجيوش وخلاف ذلك . (1)
3- مهام الوزراء :
أن من مهام الوزير بالإضافة إلى مساعدة الخليفة وتقيم المشورة له وتنفيذ أوامره يقوم بالأمور التالية :
1- إدارة الشؤون المالية للدولة وهو ما يعرف في عصرنا الحاضر بوزارة المالية . (2)

(1)- حداد (جورج) ، الحسامي (راتب) : مختصر تاريخ الحضارة العربية ، د.م ، مكتبة العلوم والأدب ، د.ط ، 1950 م ، ص 48-49 .
(2)- خربوطلي (شكران) ، زكار (سهيل) : الحضارة العربية الإسلامية ، دمشق منشورات جامعة دمشق ، د.ط ، 2006 م ، ص 83 .
2- الأشراف على الديوان والرسائل حيث كان الوزير يتولى كتابة الكتب التي تنفذ إلى العمال والولاة في الأقاليم التي يريد الخليفة إرسالها لهم .
3- الإشراف على إدارة الشؤون الحربية للبلاد وفي أغلب الأحيان يتولى قيادة الجيوش بدلاً من الخليفة وعلى هذا الأساس أصبح الوزير يجمع في شخصيته بين السلطتين المدنية والحربية .
4- كذلك كان الوزير يعقد مجلس للنضر في قضايا الناس ومطالبهم .
5- وكذلك كان من مهام الوزير تعيين الولاة لكن الولاية التي تتم عن طريق الخليفة كانت أكثر ثبات من تلك التي تتم عن طريق الوزير . (1)
4- شخصية الوزراء وعلاقتهم بالخلفاء :
كثيراً ما نلاحظ وجود قرابة بين الوزراء الذين يتتابعون على منصب الوزارة خلال فترات متقاربة فكأن الوزارة كانت تنتقل في بعض الأحيان من أسرة إلى أخرى ففي الدور العباسي الأول نسمع عن كثير من الوزراء من أسرة أل الربيع وعن آخرين من البرامكة ، وفي الدور العباسي الثاني نقرأ عن كثير من الوزراء من أل وهب ومن بني الفرات غير أن ذلك لا يعني دائماً انتقال الوزارة إلى أفراد عائلة واحدة بل إنه كثيراً ما كان يتوالى على هذا المنصب أناس من الأسرة نفسها .
كان الكثير منهم تربطهم صلة بالأدب والعلم وكانوا يشجعون ذلك ويحمون رجالها ونرى أن كثير من هؤلاء الوزراء لم يكونوا من العرب فقد كان بعضهم من الفرس ومن اليهود والنصارى ، ولما كان مقام الوزير في الدولة ذا علاقة بمقام الخليقة وسلطته على الأمة نرى أن سيطرة الوزير تنحط وتنهار عندما يضعف سلطان الخليفة كما وقع في أدوار انحطاط السلطة العباسية بتسلط القوى الأجنبية على الدولة واستئثارها بالحكم فأصبح الخليفة في كثير من الأحيان أسماً بلا مسمى وصار الوزير أشبه بالكاتب ليس لهما نفوذ كبير وأضحت السلطة الكبرى في الدولة بيد أمراء من الأتراك والسلاطين من السلاجقة وما شابه ذلك من هذه الألقاب التي انتحلها هؤلاء المسيطرون . (2)


(1)- خربوطلي : مرجع سابق ، ص 83 – 84 .
(2)- حداد : مرجع سابق ، ص 50 – 51 .
5- لباس الوزراء :
في أول القرن الرابع كان رسم الوزير في لباسه وهو رسم سائر العمال فكان يلبس دراعةً وقميصاً ومبطنة وخفاً وكان السواد هو اللباس الرسمي
أما في أيام الاحتفالات الرسمية فكان يرتدي ثياب الموكب وهي قباء وسيف ومع هذا عمامة سوداء وهي الجزء الذي ينزعه الوزير من لباسه الذي يلبسه وكان الخليفة يخلع على الوزير هذه الثياب التي هي رسم الوزارة عند تقليده فيركب الوزير من داره إلى دار الخلافة . (1)
الفصل الثاني :
1- الوزارة في العصرين الراشدي والأموي :
كانت الوزارة من أهم المناصب الوزارية بعد الخلافة في العصور الوسطى ومع ذلك فإن مؤسساتها بقيت محدودة في العصرين الراشدي والأموي فلم يكن للوزارة قيمة تذكر في حياة العرب المسلمين في العصر الراشدي ذلك أن الخلفاء الراشدين كانوا يمارسون سلطات واسعة مع بعض الاستثناءات القليلة حينما كان بعض الخلفاء الراشدين يستشيرون الإمام علي عليه السلام في قضاية علمية وقضائية وإدارية ، كذلك فإن الوزارة في العصر الأموي لم تصل من حيث قيمتها ومرتبتها ومسؤولياتها إلى ما وصلت إليه في العصر العباسي الأول وسبب ذلك أن الخلفاء الأمويين كانوا متمسكين بكل مفاصل السلطة بمعنى أخر هؤلاء الوزراء الذين عرفوا في الدولة الأموية كانوا مجرد كتاب أشهرهم البرش الكلبي في عهد هشام بن عبد الملك الأموي ، وعبد الحميد الكاتب في عصر مروان بن محمد .(2)


(1)- في عام 319 – 931 م خرج الوزير للصلاة وعليه شاشية وسيف بحمائل فعجب الناس من ذلك . ( أبن خلدون : مصدر سابق ، ص 201 ) .
(2)- زعرور ( إبراهيم محمود ) ، أحمد ( علي سليمان ) : مظاهر الحضارة العربية في الإسلام في العصور الوسطى ، دمشق ، منشورات جامعة دمشق ، د.ط ، 2005 – 2006 م ، ص 238 – 239 .
2-الوزارة في العصر العباسي الأول :
في هذا العصر ظهر منصب الوزارة على حقيقته ورونقه على الرغم من أن ذكر الوزير قد ورد في القرآن الكريم على لسان موسى عليه السلام الذي دعا ربه لان يجعل له أخاه هارون وزيراً يشد من أزره ، وقد ذكره الوزارة لأول مرة بشكل واضح في أثناء الدعوة العباسية حين ما أطلق على أبو سلمه الخلال أسم وزير آل محمد .(1)
وتطور منصب الوزارة في ظل الخلافة العباسية حتى أصبح من أهم المناصب بعد الخلافة باستثناء فترة خلافة أبي جعفر المنصور الذي لم يعط لأحد سلطات إدارية واسعة وذلك لشدة حذرة وحرصه على أن تكون كل مرافق الدولة تحت إشرافه المباشر ولكن أبنه المهدي سار على عكس طريقة والدة حين ما أعطى لوزرائه سلطات واسعة فقد فوض أمور الدولة برمتها لوزيره يعقوب بن داوود الذي دعاه أخاه في الله وكان قد أتخذ قبله أبو عبيد الله معاوية بن عبد الله الأشعري . ولما تولى الهادي منصب الخلافة اتخذ من الربيع بن يونس وزير جده المنصور وزيراً له إلا أنه ما لبث أن عدل عنه وستوزر إبراهيم بن ذكوان الحراني فلم يزل في الوزارة حتى توفى الهادي ، أما في عهد الخليفة هارون الرشيد فأصبح الوزراء البرامكة وهم مجموعه من الشخصيات الفارسية منهم خالد البرمكي الذي شغل مكان أبي سلمه الخلال الوزير المقتول وأبنه يحيا الذي عمل عند الهادي والرشيد وكان يساعده في ذلك أبناه الفضل وجعفر وقد كان الفضل رجل الدولة من الطراز الأول وعلى العكس منه تماماً كان شقيقه جعفر الذي كان رجلاً محباً للمرح وللهو والترف وفي الوقت نفسه كان ذكياً وهذا ما رشحه بقوة لأن يكون نديم الرشيد .(2)


(1)- في سنة 145هـ كان ظهور محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه في المدينة وكان قد بويع له في كثير من الأمصار وكان يدعى بالنفس الزكية لزهده ونسكه ، المسعودي (أبي الحسن بن الحسين بن علي) : مروج الذهب ومعادن الجواهر، مج 4 ، شرح ( مفيد محمد قميصة )، بيروت ، دار الكتب العلمية ، د.ط ، د.ت ، ج 3 ، ص 360 .
(2)- زعرور : مرجع سابق ، ص 240 .

يقول الجهشياري : غلب جعفر على الرشيد غلبتا شديدة حتى صار لا يقدم عليه أحدا لكن الذي حدث أن هذه المسيرة توقفت حينما أفاق الرشيد من غفلته ليجد أن خلافته محاطة بالأخطار وقد تجسد كل ذلك بالوزراء البرامكة فلم يكن أمام الرشيد سوى توجيه ضربه للبرامكة قبل أن يقع ما لا يحمد عقباه وهذا ما حصل حينما أمر الرشيد بإقصاء جعفر عن الوزارة وإعدامه . (1)
أما في عصر الخليفة العباسي المأمون فقد سيطر عليه الوزراء الفرس ومنهم الوزير الأول في خلافته الفضل بن سهل وقد تجلت سيطرة هذا الوزير في تشجيع المأمون على قتل أخيه الأمين ، وقد تطرف الفضل بن سهل في تصرفاته حيال العناصر العربية في الدولة وكان هرثمة بن أعين من ضحايا الوزير الفضل بن سهل وقد قام الإمام علي الرضا الذي كان ا لمأمون قد رشحه لولاية العهد بتنبيه المأمون إلى خطورة ما كان يجري خارج خراسان التي كان المأمون مقيما فيها وبخاصة في مدينة بغداد وعند ذلك شعر المأمون بخطورة الأمر على خلافته لذلك تحرك لقتل الوزير الفضل بواسطة السم ثم تخلص من ولي العهد الإمام علي بالسم أيضا ، ومع ذلك فلم يتخلص المأمون من عقدة الاعتماد على بني سهل فعند ما وصل إلى بغداد قام بتكليف الحسن بن سهل بالوزارة وزاد في ذلك أن تزوج أبنته بوران وبذلك يكون المأمون من حيث علاقته بوزرائه يشبه والده الرشيد . (2)
أما في عصر المعتصم حصل بعض التصادم بين الخلافة والوزارة وسبب هذا أن الوزير الفضل بن مروان سيطر على كل شيء في الدولة وأظهر شيئا من الاستقلال في بعض تصرفاته حتى أنه كان يتجرأ على مناقشة آراء الخليفة فقام المعتصم بعزله وتعيين بدلا منه محمد بن عبد الملك الزيات الوزير له والذي أعاد للوزارة هيبتها بعد أن تضررت في في عصر الوزير الفضل بن مروان . (3)


(1)- زعرور : ورجع سابق ، ص 243 – 244 .
(2)- بيطار ( أمنة ) : تاريخ العصر العباسي ، دمشق ، منشورات جامعة دمشق ، د.ط ، 2005 – 2006 ، ص 152 – 153 .
(3)- الطبري (أبو جعفر محمد بن جرير) : تاريخ الرسل والملوك ، مج 6 ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار صادر ، بيروت ، ط 4 ، د.ت ، ج 4 ، ص 175 .

3- الوزارة في العصر العباسي الثاني :
في هذا العصر بقيت الوزارة ندا للخلافة ، اشتهر على صعيد الوزارة بنو الفرات وبنو وهب وبنو الجراح اشتهر منهم علي بن عيسى في عصر الخليفة المقتدر الذي اشتهر بميله إلى الإصلاح وهو الذي استطاع أن يوفق بين العباسيين وأبي سعيد الجنادي زعيم القرامطة في البحرين والإحساء بشرق الجزيرة العربية هذا بالإضافة إلى نجاحه في تدبير الأمور بقدرة عالية معتمدا بذلك على خبرته وعلمه وزهده وورعه وعفته التي جعلته يبتعد عن الشهوة وجمع الموال بطريقة غير شرعية كما فعل الكثير من وزراء بني العباس ، وفي عصر الرضي الذي جاء إلى الخلافة بعد المقتدر عجز الوزراء عن إدارة شؤون الدولة بسبب قوة النفوذ الأجنبي التركي الأمر الذي جعله يلجأ إلى تقليد أبن رائق شؤون الدولة ولقب بلقب (أمير الأمراء) وبذلك يكون صاحب هذا اللقب قد أحتل مركز الوزارة وشغل مهماتها كمؤسسة مساندة للخلافة واقتصت أعمال الوزراء على الحضور إلى دار الخلافة في الموكب الرسمي وهم يلبسون السواد شعار الخلفاء العباسيين وتطور الأمر حتى أصبح أمر تعيين الوزراء في عمل أمير الأمراء وكذلك عزلهم . (1)
4- الوزارة في عصر سيطرة البويهية :
بدأت بعد ذلك عصر السيطرة الأجنبية على السلطة العباسية استهلها البويهيين في سنة 334 هـ / 946 م ففقدت الوزارة هيبتها كما حصل للخلافة ، وحينما سيطر البويهيون على السلطة في الخلافة العباسية قضوا على سلطة الوزراء ونصبوا أنفسهم في مكانهم ومع ذلك فقد سمو بعض الوزراء كأبي الفضل محمد بن العميد الذي شغل دوراً كبيراً في إدارة شؤون الدولة وبلغ من عضد الدولة البويهي أنه كان يسميه ( بالأستاذ الرئيس ) وربما يكون ذلك اعترافا بفضله عليه أثنا طفولته فهو أستاذه في هذه المرحلة ، كما أشتهر أبنه من بعده وهو أبوالفتح علي بن محمد بن العميد ولقبوه بذي الكفايتين لخبرته في ميدان الحرب ولشهرته في مجال العلم والسياسة . (2)

(1)- شبلي ( أحمد ) : موسوعة التاريخ والحضارة الإسلامية ، مج 3 ، القاهرة ، مكتبة النهضة المصرية ، ط 8 ، 1985 م ، ج 3 ، ص 135 – 136 .
(2)- زعرور : مرجع سابق ، ص 246 .
لكن أشهر الوزراء في عصر السيطرة البويهية هو الصاحب إسماعيل بن عباد الذي جاء إلى الوزارة بعد عزل أبي الفتح العميد الذي أنفرد عن كل وزراء بني العباس بلقب الصاحب لأنه كلن يصاحب أبي الفضل بن العميد ، وقيل لأنه كان يصحب مؤيد الدولة بن ركن الدولة البويهي الذي أطلق عليه الصاحب ، لكن الوزراء الذين جاءوا بعد ذلك سيقبلون بهذا اللقب ويبدو أن الصاحب بن عباد قد تميز عن غيره من الوزراء الذين سبقوه في قيادة بعض الجيوش في سنة 377 هـ / 988 م لغزو طبرستان ، كذلك قد تميز عنهم في أنه كان شاعراً . (1)
5- الوزارة في عهد الفاطميين في مصر :
في هذا العصر كانت الوزارة وزارة تنفيذ ذلك لأن الخلفاء الفاطميين كانوا أقوياء واستطاعوا أن يحكموا الدولة بأنفسهم ولم يشتهر من وزرائهم أحد باستثناء الوزير يعقوب بن كلس في عصر الخليفة المعز لدين الله وأبنه العزيز أما بعد وفاته فلم تكن الوزارة بذات أهمية بالغة في حياة الدولة السياسية وأصبحت تسمى مؤسسة الوساطة وكان بعضهم يتلقب بأمين الدولة كما فعل الحسن بن عمار وقد اشتهرت مؤسسة الوساطة في البداية من عصر الحاكم بأمر الله الذي حرص أن يكون معظم وزرائه من المسيحيين وغيرهم وقد تنوعت ألقاب الوزراء فبعضهم تلقب بأمين الدولة وبعضهم عميد الدولة مثل الحسن بن صالح وبعضهم الشافي مثل زرعه بن نطوس وأمين الأمناء ووزير الوزراء وقلب الدولة وصفي أمير المؤمنين وغير ذلك من ألقاب لا قيمة لها في واقع الحال ، ومنذ عصر الخليفة الفاطمي المستنصر تحولت الوزارة من وزارة تنفيذ إلى وزارة تفويض تقلدها جماعة من أرباب السيوف وكانوا يشبهون إلى حد كبير وزراء الرشيد من البرامكة ووزراء المأمون من بني سهل وقد حدث ذلك أثر الشدة العظمى التي استمرت سبع سنوات من 457 – 465 ه التي أدت إلى تدني قيمة الخلفاء الفاطميين وسمو مكانة الوزراء مثال ذلك بدر الدين الجمالي الذي استدعاه المستنصر إلى مصر من مدينة عكا حيث كان يشغل واليها الفاطمي وقد استدعاه لإنقاذ أوضاع مصر الاقتصادية التي تدهورت في سنين الشدة سابقة الذكر فسيطر على مقاليد السلطة واستبد بها . (2)

(1)- متر (آدم) : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ، مج 2 ، ترجمة ( محمد عبد الهادي أبوريده ) ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، ط 5 ، د.ت ، ج 1 ، ص 242 .
(2)- شلبي : مرجع سابق ، ص 236 .

وكذلك فعل أبنه الأفضل وبذلك عاد التنافس من جديد بين الخلافة الفاطمية هذه المرة وبين الوزراء بعد أن غاب هذا التنافس سنين طويلة وكان هذا التنافس من مميزات العصر الفاطمي في مراحله الأخيرة ، ساعد هذا الوضع الايجابي للوزير صلاح الدين الأيوبي الذي تقلد الوزارة في عهد العاضد الفاطمي أخر الخلفاء الفاطميين من أن ينقلب على أسياده ويلغي دولتهم وينشئ دولة جديدة عرفت بالدولة الأيوبية وقد كان أثناء وزارته يلقب بالناصر . (1)
6- الوزارة في عصر السيطرة السلجوقية :
هي سيطرة طال أمدها امتد من سنة 447 – 656هـ / 1055 – 1258م وفي هذه الفترة السوداء في التاريخ العباسي كثر تعيين الوزراء الذين نبغ بعظمهم واشتهر في ميدان تشجيع العلوم والأدب وفي تسيير أمور الإدارة والحرب والسياسة كما كثرت مصادرات أموال الوزراء من قبل السلاجقة الذين لم يكن لهم من اهتمام سوى الاهتمام بابتزاز مقدرات البلاد والعباد ثم وضعهم في السجون بدون أية اعتبارات ، كما كثرت الدفوع المالي والرشاوى للحصول على منصب الوزارة ورغم ذلك فقد سُلمت الوزارة إلى شخصيات كبيرة في العلم والمعرفة ولاستقامة والخبرة في الإدارة العامة وكان منهم على سبيل المثال الوزير الكندري وفخر الدولة بن جهير وعميد الدولة بن فخر الدولة ونظام الملك وأولاده وغيرهم ، ورغم عظمة هؤلاء الوزراء فأنهم لم يشكلوا أي تأثير ايجابي على المسيرة السياسية العامة في الفترة السلجوقية التي استمرت بالاضطراب والفوضى فكانوا يعزلون ويعادون لأتفه الأسباب وأسخف الوشايات ومع ذلك كانوا يمتثلون لهذه الإجراءات أملاً في عمل شيء نافع يعود على بلادهم بالخير والأمان . (2)


(1)- شلبي : مرجع سابق ، ص 236 – 237 .
(2)- حداد : مرجع سابق ، ص 160 .




7- الوزارة في عصر الدولة الأموية في الأندلس :
كانت الوزارة في الأندلس تعرف بالحجا به ، فالحاجب هو الوزير وكبير الحجاب هو بمثابة رئيس الوزراء أو الوزير الأكبر وقد ظهر منصب الحاجب ( الوزير ) أول مرة في عصر الأمير الأموي عبد الرحمن الأوسط الذي لم يكتفي بوزير واحد أو وزارة معينة بل قام بتعيين عدد من الوزراء يقوم كل واحد منهم بمهمة تختلف عن الآخر كما هو قائم في عصرنا الحاضر وكان هؤلاء الوزراء يحضرون يومياً إلى قصر الأمارة بقرطبة لمساعدة الأمير في حل مشاكل الدولة ، وكان لهم في القصر جناح خاص يمارسون فيه نشاطاتهم عُرف ببيت الوزارة وقد بلغ عدد الوزراء في عصر الأمير عبد الرحمن الأوسط تسعة وزراء ولكل واحد اختصاصه المعين ، فكان هناك وزير للمالية ووزير للتر سيل والمكتبات ووزير للنظر في قضايا وحاجات الناس ومظالمهم إلى غير ذلك وذكر أن راتب الوزير في عصر الإمارة بلغ ثلاثمائة دينار في الشهر الواحد . (1)
تذكر المصادر أنه كان للأمير هشام خمسة وزراء وكان الأمير يرفع من بين هؤلاء حاجب هو عبد الكريم بن عبد الواحد يفرزه للتردد بين الوزراء وبين الأمير وينب عن الأمير أو الخليفة وهو بمثابة رئيس الوزراء في العصر الحاضر وكان هذا المنصب يختلف عن منصب الحاجب في المشرق وتقوم وظيفته بباب الخليفة يحجبه عن الخاصة والعامة . (2)
وعلى الرغم من أسبقية المشرق العربي في قضية ظهور الوزارة فإن الأندلسيين سبقوا المشرقة في مسألة تعدد الوزراء وتوزيعهم بحسب مهماتهم واختصاصاتهم ولا بد أن هذا النظام كان متقدماً جداً في ذلك العصر . (3)


(1)- شلبي : مرجع سابق ، ص 125 – 126 .
(2)- اليعقوبي ( أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح ) : تاريخ اليعقوبي ، مج 4 ، بيروت ، دار صادر ، ج 4 ، ص 212 .
(3) – خربوطلي : مرجع سابق ، ص 80 .

8- الوزارة في عصر المرابطين والموحدين :
أضمحل شأن الوزارة في عصر المرابطين والموحدين في الأندلس ففي عصر المرابطين سيطر الفقهاء على مصدر القرار المرابطي فقد أعتمد الحكام المرابطين اعتمادا كبيرا على مشورة الفقهاء الذين نصبوا أنفسهم في مكان الوزراء وحلوا محلهم في كل شيء انطلاقا من أنهم اعدوا لأنفسهم المعرفة العلمية في العصور السابقة وكانت سيطرة الفقهاء شبه كاملة مما جعل العصر المرابطي بعصر سيطرة الفقهاء . (1)
كذلك فقد استمر هذا الاضمحلال في العصر الموحدي لكن سببه لم يكن متعلقا بالفقهاء كما في العصر المرابطي بل كان متعلقا بوجود مؤسسات ظهرت لأول مرة في هذا العصر حلت بشكل أو بأخر مكان الوزراء وهذه المؤسسات هي المجالس التي أحدثها مؤسس الدعوة المودية محمد بن تومرت في بداية أمره نذكر منها مجلس العشرة ومجلس العشرين ومجلس الخمسين وكانت تتألف من كبار الشخصيات الذين كانوا يجتمعون برئاسة الخليفة لحل المشاكل الهامة أو البت في القضايا الملحة الأمر الذي أدى إلى ضعف منصب الوزارة .
أما في عصر بني الأحمر بغرناطة فقد عادت الوزارة إلى سابق عهدها من الأهمية والقوة والازدهار وأشهر وزرائهم كان لسان الدين ابن الخطيب والقاضي الجماعة أبي الحسن النباهي وغيرهم آخرون . (2)



(1)- زعرور : مرجع سابق ، ص 258 .
(2)- ابن خلدون: مصدر سابق ، ص 245 .



9- الوزارة في عصر المماليك في مصر والشام :
في عصر المماليك في مصر والشام اضمحلت الوزارة ولم تعد كما كانت في الفترات السابقة ذلك لأن المماليك استحدثوا منصبا حل محل الوزارة وهو منصب ( نائب السلطان ) ومع ذلك بقي بعض الوزراء يقومون بمهمات محددة مثل تنفيذ أوامر السلطان ونائب السلطان هذا بالإضافة إلى مهمة الإشراف على القضايا المالية وبالإشراك مع شخص آخر عرف بناظر الدولة ، وكان لكل سلطان وزيرين الأول يسما ( وزير الصحبة ) من المفروض أن يكون ضليعا في الكتابة والتراسل وسمي كذلك لأنه كان يصحب السلطان في كل حركاته وتنقلاته في داخل العاصمة وخارجها والثاني يسمى بالوزير وكان من أرباب السيوف وهو من أهم الوزراء لأنه من المعول عليه في حضور جلسات السلطان العامة وكان الطبل خانا تدق على بابه كدليل على أهميته بالمقارنة مع وزير الصحبة سابق الذكر وينبغي أن نلفت الانتباه بان معظم وزراء الفترة المملوكية كانوا من العرب المصريين وكانوا من المسيحيين والمسلمين على حد سواء . (1)



(1)- زعرور : مرجع سابق ، ص 260 .







الخاتمة :
ومما تقدم يتبين أن العرب المسلمين قد عرفوا منصب الوزارة منذ عهد الرسول محمد (ص) أي منذ بدايات الدعوة الإسلامية لكنهم لم يتركوها على حالها بل عملوا على تطوير هذا المنصب والارتقاء به والزيادة من أهميته في كل عصر حيث نرى أن الوزارة كانت أكثر أهمية في العصر العباسي من الأموي .
وكذلك نرى أن الوزارة في العصر الأموي الأندلس أكثر أهمية من الوزارة في المشرق وذلك بسبب أسبقية الأندلس بتعدد الوزراء وبتعدد اختصاصاتهم.
كذلك نرى أن منصب الوزارة تقلده وزراء من أهل الذمة وأن دل ذلك على شيء فهو يدل على التسامح الديني الذي تميز به العرب المسلمين ، ومثال ذلك الوزير حسداي بن اسحاق بن شبروط اليهودي الأصل الذي توصل في عصر الخلافة في الأندلس إلى إدارة أهم وزارة وهي وزارة كشؤون الخارجية ، وأخيرا يملن أن نستنتج أنه كان للوزراء الذين تسلموا منصب الوزارة دور كبير في الانجازات التي حققتها الدولة العربية الإسلامية فا بالإضافة إلى مجال السياسي كان بعضهم يتولى قيادة الجيوش وبعضهم كان مهتما بالشعر والخطابة وبعضهم اشتهر بالطب وما إلى ذلك .










{قائمة المصادر والمراجع}
المصادر:
1- أبن خلدون ( عبد الرحمن ) : مقدمة أبن خلدون ( وهي مقدمة الكتاب المسمى كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط1 ، 1993م .
2- الطبري (أبو جعفر محمد بن جرير) : تاريخ الرسل والملوك ، مج 6 ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار صادر ، بيروت ، ط 4 ، د.ت ، ج 4 .
3- المسعودي (أبي الحسن بن الحسين بن علي) : مروج الذهب ومعادن الجواهر، مج 4 ، شرح ( مفيد محمد قميصة )، بيروت ، دار الكتب العلمية ، د.ط ، د.ت ، ج 3 .
4- اليعقوبي ( أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح ) : تاريخ اليعقوبي ، مج 4 ، بيروت ، دار صادر ، ج 4 .
المراجع :
1- بيطار ( أمنة ) : تاريخ العصر العباسي ، دمشق ، منشورات جامعة دمشق ، د.ط ، 2005 – 2006 م .
2- حداد (جورج) ، الحسامي (راتب) : مختصر تاريخ الحضارة العربية ، د.م ، مكتبة العلوم والأدب ، د.ط ، 1950 م .
3- زعرور ( إبراهيم محمود ) ، أحمد ( علي سليمان ) : مظاهر الحضارة العربية في الإسلام في العصور الوسطى ، دمشق ، منشورات جامعة دمشق ، د.ط ، 2005 – 2006 م .
4- زكار (سهيل) ، خربوطلي (شكران) : الحضارة العربية الإسلامية ، دمشق منشورات جامعة دمشق ، د.ط ، 2006 م .
5- شبلي ( أحمد ) : موسوعة التاريخ والحضارة الإسلامية ، مج 3 ، القاهرة ، مكتبة النهضة المصرية ، ط 8 ، 1985 م ، ج 3 .
6- متر (آدم) : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ، مج 2 ، ترجمة ( محمد عبد الهادي أبوريده ) ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، ط 5 ، د.ت ، ج 1 .

{ الفهرس }
العنوان رقم الصفحة
مخطط حلقة البحث ------------------------------------------------------------ 1
المقدمة ---------------------------------------------------------------------- 2
العرض ---------------------------------------------------------------------- 3
لفصل الأول ------------------------------------------------------------------ 3
معنى الوزارة وتاريخها ----------------------------------------------------- 3
أنواع الوزارة في الدولة العربية الإسلامية --------------------------------- 4
مهام الوزراء ---------------------------------------------------------------- 4
شخصية الوزراء وعلاقتهم بالخلفاء ---------------------------------------- 5
لباس الوزراء --------------------------------------------------------------- 6
الفصل الثاني ---------------------------------------------------------------- 6
الوزارة في العصرين الرشيد والأموي --------------------------------- 6
الوزارة في العصر العباسي الأول ------------------------------------- 7
لوزارة في العصر العباسي الثاني ------------------------------------- 9
الوزارة في عصر سيطرة البويهيين ----------------------------------- 9
الوزارة في عهد الفاطميين في مصر ---------------------------------- 10
الوزارة في عصر السيطرة السلجوقية -------------------------------- 11
الوزارة في عصر الدولة الأموية في الأندلس -------------------------- 12
الوزارة في عصر المرابطين والموحدين ------------------------------ 13
العنوان رقم الصفحة
الوزارة في عصر المماليك في مصر والشام ------------------------------ 14
الخاتمة ----------------------------------------------------------------------- 15
قائمة المصادر والمراجع --------------------------------------------------- 16
الفهرس --------------------------------------------------------------------- 17