مكتبة منيرفا (حلقة بحث الحملة الفرنسية على مصر)

جامعة تشرين
كلية الآداب
قسم التاريخ
المادة : تاريخ مصر والسودان


حلقة بحث بعنوان
الحملة الفرنسية على مصر
1798م / 1801م

الحملة الفرنسية على مصر 1798 – 1801م

مخطط الحلقة :

1- المقدمة :
أوضاع مصر قبيل الحملة

2- العرض :
ويتضمن :
أ‌- الأسباب البعيدة للحملة الفرنسية ومنها :
- أوضاع فرنسا الداخلية
- أوضاع مصر المشجعة للحملة

ب‌- السبب القريب

ج‌- أحداث الحملة ومراحل احتلالها
- احتلال الاسكندرية
- احتلال القاهرة
د‌- موقعة أبي قير البحرية
و‌- نتائج موقعة أبي قير
هـ- نهاية الحملة
ي‌- نتائج الحملة

3- الخاتمة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقدمة :
تعتبر مصر من الدول العربية الواقعة على طريق الهند ومن المواقع الاستراتيجية في الشرق الأوسط بسبب موقعها على البحر المتوسط وعلى البحر الأحمر وكانت محط أنظار جميع الدول الآسيوية والأوروبية حيث احتلها العثمانيون عام 1516م في عهد السلطان سليم الأول العثماني لفترة طويلة من الزمن .
وكانت البلاد العربية وخصوصاً مصر وبلاد الشام منذ القرون الوسطى من البلدان الهامة التي كانت الدول الأوروبية تطمع باحتلالها نظراً لموقعها الاستراتيجي وكثرة مواردها حيث أن هذه الأطماع زادت في القرون الحديثة بعد ضعف الدولة العثمانية , ومن الدول الاستعمارية الأولى التي وجهت أنظارها نحو مصر هي البرتغال وبعدها الانكليز والفرنسيين وتمثل حملة نابليون على مصر عام 1798 حركة قوية من الحركات الاستعمارية ويعود تاريخ بدئها إلى ما قبل ذلك بقرون عديدة أبرزها الحملة الصليبية السابعة التي قادها لويس التاسع عشر وقد كانت فكرة احتلال مصر راودت الأوساط الفرنسية مراراً في القرن الثامن عشر لأسباب عديدة وكثيرة .

2- العرض :
ويتضمن :
أسباب الحملة :
أ- الأسباب البعيدة للحملة الفرنسية :
1- أوضاع فرنسا الداخلية :
ومنها رغبة الحكومة الفرنسية إبعاد نابليون خشية شعبيته التي تزايدت بعد انتصاره في إيطاليا وخشية طموحه الذي كان لا يحد .
أما نابليون فقد توقع نشوب حرب جديدة بين أوروبا وفرنسا وقدر أن تحل الهزيمة بالفرنسيين في غيابه فيعود بعد ذلك ويصلح الوضع ويصبح سيد الموقف وقد تحقق لنابليون ذلك عندما اضطر للانسحاب من مصر والعودة إلى فرنسا بعد تأزم الموقف وبعد أن تحققت الحاجة للاستعانة به فأصبح امبراطور فرنسا , ورغبة فرنسا في توجيه أنظار الفرنسيين على الخارج لتغطية مساوئ الداخل .
2- أوضاع مصر المشجعة للحملة :
وقد تطلعت فرنسا إلى مصر بالذات لمكانتها الحربية والاقتصادية في الشرق العربي أما مكانتها الحربية فلأنها قلب المنطقة العربية ومفتاحها الاستراتيجي وتعتبر أهم قاعدة لضرب النفوذ البريطاني في الهند ولأنها تصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر بواسطة منطقة قناة السويس ومركز مصر هذا يشكل عاملاً أساسياً في ميزان الحروب أما مكانتها الاقتصادية لأنها سوق تجارية تتوسط ثلاث قارات بالإضافة إلى ثروتها الطبيعية الناجمة من خصب تربتها ( 1 )

ومن الأسباب البعيدة للحملة :
3- رغبة فرنسا في أن تجعل من البحر الأبيض المتوسط بحيرة فرنسية تسيطر منه على شواطئها وتضرب بذلك الأسطول البريطاني في الشرق الأدنى .
4- رغبة نابليون في إقامة دولة شرقية تصبح قاعدة قوية لغزو الهند .
5- تهديد مصالح إنكلترا على طريق الهند لإجبارها على طلب الصلح مع حكومة الثورة الفرنسية ووضع حد للنمو السريع للنفوذ البريطاني للهند .
6- رغبة فرنسا في إعادة بناء امبراطوريتها والسيطرة على مستعمرات جديدة تعويضاً عما فقدته من مستعمرات في أثناء حرب السبع سنوات مع إنكلترا .

ب- أما الأسباب القريبة :
1- فهو رغبة فرنسا في تأديب المماليك في مصر لأنهم رفضوا منحها امتيازات تجارية كالتي منحوها لانكلترا .
2- اتهام المماليك بالإساءة للتجار الفرنسيين في مصر . ( 2 )

ج – أحداث الحملة ومراحل احتلالها :
انطلقت الحملة من موانئ فرنسا الجنوبية في شهر مايو 1798م وكانت تتكون من أربعين ألف جندي على وجه التقريب بقيادة نابليون بونابرت يساعده كليبر وغيره من قواد فرنسا الكبار حيث وصل نابليون مصر ونزل جنوب غرب الإسكندرية في 3تموز 1798م .
- مراحل الاحتلال :
احتلال الإسكندرية :
بدأ نابليون بالاقتراب من ثغر الإسكندرية بعد أن أحتل جزيرة مالطا فمنعته قلعتها من الدنو من البر
فسار إلى خور المرابط في غربها و أخرج إليها قسما ً من جنوده و زحف بهم على الاسكندرية فاحتلها عبر مناوشات خفيفة في 27 محرم 1213 / 1 تموز 1798م
ثم أخرج بقية جيشه إلى ميناء الإسكندرية بعد أن أسكت مدافعها و أخفى سفنه التي جاء عليها في مرفأ أبي قير في شريف الإسكندرية و أذاع على مصر نشرة ذكر أنه جاء لينقذهم من جور المماليك و يؤيد حقوق الدولة العثمانية عليها ( 3 )

احتلال القاهرة : اتجه نابليون بعد السيطرة على الإسكندرية نحو القاهرة و لما أقترب من مدينة الرحمانية التقى بالجيش المصري الذي كان يقوده مراد بك الكبير أحد المستحكمين على مصر في ذلك الوقت و كان الجيش المصري فاقد النظام يجهل أساليب الحرب المستحدثة و ليس لديه مدافع بينما كان جيش نابليون مدربا ً و مجهزا بالمدافع العديدة و بعد مناوشة طفيفة اندحر الجيش المصري و تشرد في الأرض و أنطلق الفرنسيون حتى بلغوا ضواحي القاهرة فقام واليها بكر باشا و شيخ البلد ابراهيم بك و أنضم إليهم مراد بك و حاولوا صد الجيش الفرنسي بما جمعوه من قوة فلم يستطع المماليك الثبات تجاه نيران المدافع و دخل الفرنسيون مدينة القاهرة في 14 تموز 1798 و أنسحب منها الوالي و الأمير ابراهيم باشا إلى مدينة بلبيس على طريق الشام و فرّ مراد بك إلى جهة الصعيد و أقام نابليون في قصر محمد بك بالأربكية .
و بعد ان تم لنابليون السيطرة على مصر تقريبا ً أذاع منشورا على سكان مصر بأنه قريب منهم وأنه سينشر المساواة بينهم ويقضي على ظلم المماليك وفعلا أتبع سياسة اللين واحترم عاداتهم وتقاليدهم (4)
د - موقعة أبي قير :
أثناء انشغال نابليون في توطيد الأمن الداخلي لمصر كان الأسطول الإنكليزي يجوب في البحر المتوسط باحثا عن الأسطول الفرنسي حتى وصل إلى الإسكندرية حيث وجد الأسطول الفرنسي راسيا في خليج أبي قير وكان الأسطول الانكليزي بقيادة الأميرال نلسون حيث استطاع أن يباغت الأسطول الفرنسي على حين غرة وأن يدمر معظم أسطوله وقتل ما يزيد على أربعة ألاف جندي وأصبح الفرنسيين بعد هذه الكارثة كالمحصورين في مصر .

هـ - نتائج موقعة أبي قير :
1 ـ حصول بريطانية على تفوق بحري في المتوسط .
2 ـ قيام تحالف أوروبي جديد تزعمته انكلترا ضد فرنسا .
3 ـ أصبح وضع حكومة الإدارة في فرنسا حرج جداً بعد تشكل هذا التحالف بالإضافة لإلى سؤ قيادة بعض الضباط في فرنسا .
4 ـ أضاعت فرنسا جميع ما قد حققه نابليون من انتصارات في إيطاليا .
5 ـ أدت هزيمة نابليون في موقعة أبي قير إلى انقطاع الاتصال بين الحملة في مصر والقيادة في فرنسا .
6 ـ أدت إلى توجيه أنظار نابليون إلى سوريا للحصول على الأخشاب اللازمة لصناعة السفن .
7 ـ تغيير نابليون سياسته من اللين إلى سياسة القوة والبطش لفرض الضرائب وجمع المواد اللازمة لجيشه . (5)

و ـ نهاية الحملة :
بعد توجه نابليون إلى سوريا عام 1799 ميلادي وسيطرته على غزة ويافا وارتكابه مجزرة يافا بقتله أربعة ألاف شخص أعزل ومن ثم حصاره لقلعة عكا لمدة ستين يوماً وخسارته أمام أسوارها وذلك بسبب تفشي مرض الطاعون بين جنوده ومساعدة الانكليز والعثمانيين من البحر هذا ما أدى إلى انسحاب نابليون من بلاد الشام إلى مصر وأثناء عودته إلى مصر وصلته إخبار عن تأزم الوضع في فرنسا ويدعوه إلى العودة إلى فرنسا مباشرة فقرر ترك مصر سراً والتوجه إلى فرنسا تاركاً قيادة الحملة إلى كليبر وفي عهده زادت الضغوطات وزاد تفشي الطاعون بين الجنود هذا ما دفع كليبر إلى التفاوض مع العثمانيين من أجل الوصول إلى أفضل الشروط لخروج الحملة من مصر لكنه اغتيل واستلم مكانه مينو واستطاع مينو من تحقيق اتفاقية للخروج من مصر عرفت باتفاقية العريش عام 1801 ميلادي وتتضمن نقل ما يقارب 20 ألف فرنسي من القاهرة على متن السفن الانكليزية على حساب الدولة العثمانية وبذلك انقضت أمال نابليون في تحقيق إمبراطورية في الشرق ولم تحقق حملته نجاحاً عسكرياً حيث دامت حملته حوالي ثلاثة أعوام . (6)

ي - نتائج الحملة :
من الطبيعي أن تتعلق نتائج الحملة بثلاثة مستويات
1 ـ الأوروبي . 2ـ العثماني . 3 ـ العربي . ومن أبرز نتائجها فيما يخص مصر .
أ ـ نتائج الحملة على الصعيد الأوروبي والعثماني
1 ـ انفجار المسألة الشرقي وبداية تحولها إلى مسألة عربية في اطار التنافس الأوروبي عموماً والبريطاني ـ الفرنسي خصوصاً من أجل السيطرة على البلدان العربية التابعة للسلطنة المغربية والمشرقية كما برز ما دعي بالمسألة المصرية والمسألة السورية
2 ـ تنامي عداء فرنسا لبريطانيا .
3 ـ سقوط اللبوس الديني للصراع الدولي ومنها الصراع ما بين القوى الأوروبية العربية فقد توزعت أراء المؤرخين والمفكرين السياسيين في ثلاث اتجاهات :
الأول : يرى أنه كانت نقطة التحول الجوهري في الواقع العربي عموماً والمصري خصوصاً والتي نقلته من مرحلة الجمود إلى مرحلة النهوض والحيوية جاعلاً من تاريخ وقوعها بداية للتاريخ العربي الحديث .
الثاني : في أراء الدكتور الشيخ محمد عمارة وهو الاتجاه الأصح حيث لا ينفي دورها النهضوي ونتائجها المؤثرة ودون أن يجعلها بداية لحركة اليقظة العربية لأن هذا الحركة هي أقدم منها بكثير والأهم من ذلك هو نشأت دولة محمد علي العربي .
الثالث : يجب التمييز في حكمنا على نتائج الحملة بين جانبها الاستعماري وجانبها الحضاري الذي يجب أن يؤخذ بنتائجه بغض النضر عن أغراض أصحابه منه : أن وجود الكادر العلمي المرافق للحملة وممارساتها في مالطا في تحرير المسلمين من سجون فرسان القديس يوحنا الذي كان بمثابة الرسالة إلى الرأي العام العالمي ومنه الإسلامي والعربي والفرنسي خصوصاً بأنها ملتزمة بأسلوب حضاري جديد في السيطرة الفرنسية منسجمة مع مبادئ الثورة الفرنسية في الجزيرة والمساواة ورفض تسلط الكنيسة وأساليب الاستعمار القديم ومتوجه إلى الإصلاح والتطوير . (7)
وكون العلماء الذين رافقوا الحملة المجمع العلمي المصري الذين كانوا أعضاؤه مقسمين للقيام بالأبحاث الاقتصادية والرياضية والفنون والآداب فعبر هذه الأبحاث تمت أبحاث مشروع قناة السويس وعثر على حجر الرشيد وحلت رموز الكتابة المصرية القديمة عليه وقد أدخل نابليون أول مطبعة إلى مصر مما أدى إلى ظهور اليقظة العربية والتي كان من أهم مظاهرها .
1 ـ ازدياد شعور العرب بذاتهم الوطنية وبحقهم بالحكم في بلدانه وتنامي رفضهم للعنصرية التركية والمملوكية في الحكم العثماني من جهة ومقاومتهم لوجود القوات الفرنسية المحتلة .
2 ـ بداية تقهقر أسلوب الإنتاج الإقطاعي نتيجة لانكشاف تواطؤه تحالف قوى الإقطاعيين مع سلطة الاحتلال الفرنسي . (8)

3- الخاتمة :
وهكذا تكون انتهت الحملة الفرنسية على مصر دون أن تحقق أي هدف من أهدافها العسكرية والاستراتيجية بعد أن دامت حوالي ثلاث سنوات 1798/1801 ميلادي حيث أن نابليون رغم سيطرته على مصر في البداية لم يستطع الاستمرار بسبب الكوارث التي مني بها وخصوصاً تحطيم أسطوله في موقعة أبي قير وفقدان معظم جيشه في حصار عكا بالإضافة إلى تفشي مرض الطاعون في جيشه .
وتكون الحملة قد أحدثت نهضة عربية ونبهت العرب من أطماع الدول الأوروبية في بلادهم وخصوصاً أطماع فرنسا وانكلترا ونبهتهم على أهمية بلادهم وأحقيتهم في حكمها وتكون بذلك انتهت الحملة الفرنسية لتبدأ أطماع انكلترا في البلاد العربية وخصوصاً بعد إرسالها حملة فريزر عام 1807 لتلاقي هذه الحملة أيضاً الفشل .

قائمة الحواشي :

( 1 ) زيتون , ص149-150 .
( 2 ) طقوش , ص313-314 .
( 3 ) أنيس , ص204-205 .
( 4 ) ديجورج , ص96-97 .
( 5 ) العظمة , ص272-273 .
( 6 ) لوتسكى , ص210-211 .
( 7 ) رافق , ص415-416 .
( 8 ) قدورة , ص233-234 .

قائمة المراجع المستخدمة :
1- أنيس محمد : الدولة العثمانية والشرق العربي – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة - ط1 1993م - ص204-205 .
2- ديجورج جيرار : دمشق من الامبراطورية العثمانية حتى الوقت الحاضر – ترجمة محمد رفعت عواد – مراجعة وتقديم محمود ماهر طه – المجلس الأعلى للثقافة – دمشق - ط2 2004م – ص96-97 .
3- رافق عبد الكريم : العرب والعثمانيين ( 1516-1916 ) - طبعة ألف باء – دمشق – ط2 1993م – ص415-416 .
4- زيتون علاء الدين : تاريخ العرب الحديث في عهدي المماليك والعثمانيين – مديرية الكتب والمطبوعات – منشورات جامعة دمشق - ط1 1982م – ص 149-150 .
5- طقوش سهيل محمد : العثمانيون من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة – لبنان بيروت – ط1 1995 – ص313-314 .
6- العظمة عبد العزيز : مرآة الشام ( تاريخ دمشق وأهلها ) – تحقيق نجدت فتحي صفوة – دار الفكر سوريا دمشق – ط2 2002 – ص272-273 .
7- قدورة زاهية : تاريخ العرب الحديث – دار النهضة العربية للطباعة والنشر – بيروت – ط1 2002 – ص333-334 .
8- لوتسكى : تاريخ الأقطار العربية الحديث – أكاديمية العلوم في الاتحاد السوفييتي – معهد الاستشراق – موسكو ط1 1998 – ص210-211 .